مع الحديث الشريف
الظلم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فَلَا تَظَالَمُوا» رواه مسلم.
التعليق:
إن الحمد والشكر كله لله رب العالمين الذي تفضل علينا بعفوه ورحمته، وتنعّم علينا بأن جعل عاقبة الظلم شديدة، فالظلم يترك أثراً عظيماً مؤلماً في النفس. وقد ابتدأ الله سبحانه وتعالى بأن حرّم على نفسه عز وجل الظلم، أي وعد بأن لا يظلم خلقه.
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى أن الشرك من عظيم الظلم، فقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13]، ووصف في مواضع أخرى الكافرين بالظالمين، لما هم فيه من شرك وغيره، حيث قال تعالى: (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة: 254].
إن الناس مهما اختلفوا في معتقداتهم ومبادئهم إلا أنهم يجمعون على أن الظلم لا يُحمد فاعله، ويُكره فعله، مع الاختلاف في معنى الظلم. وإن البشرية كلها مهما ارتفع مستواها الفكري وتقدمها العلمي لم ولن تستطيع وضع الخط المستقيم للعدل كالذي وضعه الله سبحانه وتعالى فيما أنزل علينا من تشريعات.
إن البشرية بأكملها تنزع إلى العدل وتبحث عنه، فهذه من طبيعتها، تكره الظلم، وتكره وقوعه عليها. وما نحن فيه الآن من مصائب وويلات تحل بنا ما هي إلا نتاج الفهم الخاطئ للعدل، والتوجه الخاطئ نحو الظلم. وكل هذا يصب في أن تحقيق العدل يضمن عدم وقوع الظلم، وإعطاء كل ذي حق حقه، فلا يشعر بأنه سلب منه شيء مما يستحق.
وأخيراً إن هذا الحديث يشير بما لا شك فيه أن الله تعالى حرم على نفسه الظلم، وجعله حراماً علينا، أن نظلم الآخرين أو حتى أنفسنا. فعلينا نحن عباد الله في الأرض أن نحرص على أمور ثلاثة؛ الأول: أن لا نظلم أنفسنا أو غيرنا، وذلك يتحقق بتطبيق الشريعة الإسلامية العدلة الكاملة التي لا ظلم فيها، والثاني: أن نحافظ على استمرار العدل، وعدم السماح للظلم بالتفشي في حياتنا لما فيه من دمار للبشرية، وهدم للحياة الآمنة، والأمر الأخير: أن نقف في وجه الظلمة، ونستخدم في ذلك الطرق الشرعية التي أرشدنا إليها الشرع في مجابهة الظلمة، وما تفرع عنها من أساليب ووسائل مباحة.
اللهم سدد خُطانا على الحق وأعنا أن نقيم العدل وننشره، ونأخذ على أيدي الظلمة، فنطبق شرع الله العادل.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح