أهداف الدول الرائدة في منظمة شنغهاي للتعاون
نُظمَت منظمة شنغهاي للتعاون بمبادرة روسيا والصين، ولغتهما الرسمية هي الصينية والروسية. والغرض من المنظمة يوضّح بِإعادة النظر إلى التاريخ الحديث لهذين البلدين.
فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي ارتفعت العلاقة بين روسيا والصين إلى مستوى “جوار جيد”. لأن الدول الغربية بعد أن تمكنت من الإطاحة بالاتحاد السوفيتي قد بدأت بإخضاع الدول “المستقلة” التي انفصلت عنه. ولهذا السبب احتاجت روسيا إلى شريك لا يغتصب مستعمراتها.
والصين أيضا كان يلزمها “شريك استراتيجي” مثل روسيا. لأن أمريكا قد حاولت دائماً أن لا تسمح للصين بالخروج من حدودها حتى لا تبدأ الاستعمار. ولذلك استقرت أمريكا في اليابان وكوريا الجنوبية عسكريّا، وتحرّض الهندَ دائما ضد الصين وتحثّ تايوان والتبت والإيغور، وهونغ كونغ على أن تكون “مستقلة”. وباختصار فإن أمريكا تولد للصين دائما مشكلات مماثلة. ولهذا السبب كان من الضروري للصين وجود حليف لا يُظهر المشكلات.
وفي عام 1996 تم إنشاء شنغهاي الخماسية. وكان الغرض من تنظيم هذه المنظمة هو منع القوات الأمريكية التي تغيّر الاستقرار، من الوصول إلى الدول الأعضاء. لأن أمريكا قد بدأت تمهّد سبيلا لحركة طالبان إلى حكم أفغانستان في تلك السنة. وتم إنشاء هذه المنظمة لمنع انتشار مثل هذه السياسة الأمريكية إلى مسلمي آسيا الوسطى وتركستان الشرقية. ودخلت حكومة أوزبيكستان منظمة شنغهاي كعضو سادس في عام 2001 خشيةً من سياسة أمريكا التي أيّدت حركة طالبان.
وفي الوقت نفسه، كانت أمريكا تسلك سياسة التفرد في العالم. وكانت تحاول الاستيلاء على مستعمرات الآخرين من خلال بعض الذرائع. (وبعد 11 أيلول/سبتمبر صارت الذريعة هي مكافحة الإرهاب والتطرف). وكانت روسيا والصين على علم بذلك. ومن أجل منع تأثير أمريكا على أعضاء منظمة شنغهاي بهذه الذرائع تم تطوير “شنغهاي السداسية” لتصبح “منظمة شنغهاي للتعاون”.
وبعد خروج طالبان عن أوامر أمريكا احتلّت أمريكا أفغانستان بذريعة أحداث 11 أيلول/سبتمبر. وقد سمت ذلك مكافحة (الإرهاب). ولم تتمكن منظمة شنغهاي للتعاون من مقاومة هذا الاحتلال الأمريكي. بل على العكس تبعتها في حربها “ضد الإرهاب” واضطرت لفتح قواعد جوية لها في أوزبيكستان وقرغيزستان.
وفي عام 2003 احتلت أمريكا العراق التابعة لبريطانيا وبعد ذلك تم تشكيل المحور “الألماني الفرنسي والروسي” ضد الغزو الأمريكي. نتيجة لذلك انسحبت أمريكا وبعد ذلك تم إخراج القاعدة الجوية الأمريكية من أوزبيكستان بدعم منظمة شنغهاي للتعاون في عام 2005.
اليوم، تطورت الصناعة الثقيلة في الصين بشكل جيد، فتحَوّلَت إلى ثاني دولة من الناحية الاقتصادية في العالم وثالث أكبر جيش في المجال العسكري، وبالإضافة إلى الحالة النووية فقد أصبحت دولةً فضائيةً، وتطورت في صناعة المعلومات التكنولوجية أيضاً، وبالتالي قررت الصين التخلي عن “العزلة الذاتية” ورغبت بتنفيذ الحملات الاستعمارية وبدأت بإجراء مشروع “مكان واحد وطريق واحد”. (ولذلك فإن أمريكا قد اعتبرته الخصم الاستراتيجي رقم واحد).
وأما الصناعة الثقيلة في روسيا فلم تتطور وأصبحت دولة تَبِيع المواد الخام وتعيش بها، وبدأت قوتها العسكرية تتراجع. واضطرّت إلى الخضوع للصين بسبب عقوبات الدول الغربية.
ولهذا السبب بدأت الصين تهتم اهتماما جادّا بالتأثير الاقتصادي على منطقة آسيا الوسطى من خلال منظمة شنغهاي للتعاون. وفي القمم أصبحت الصفقات الاقتصادية أساسيةً. ورأينا ذلك في العقود في مجال الاستثمار والديون والتجارة والاتصالات والتصنيع بين الصين ودول آسيا الوسطى.
والآن فإن الصين تواصل العدوان الاقتصادي ضد آسيا الوسطى، وغدا ستبدأ العدوان الديموغرافي، ثم تدعّمهم بقوتها العسكرية…
وهكذا أصبحت الصين دولة استعمارية كبيرة وأصبحت “الأخ الأكبر” في منظمة شنغهاي للتعاون. إن الصين ليست صديقاً لروسيا. فعلى سبيل المثال فإن أمريكا تقف في ميزانها التجاري في المرتبة الأولى وروسيا في المرتبة العاشرة. وروسيا أيضا ليست صديقة للصين، وإنما تخدم مصالح أمريكا على أملِ تحسينِ علاقتها مع أمريكا. فعلى سبيل المثال دخلت سوريا بناءً على طلب أمريكا وعانت الكثير من التكاليف المادية. وكذلك اسودّ وجهها عند المجتمع الدولي. ومع ذلك لا تزال في خدمة أمريكا راضية مرضية. ولهذا السبب يتزايد الاختلاف بين أهداف الصين وأهداف روسيا من منظمة شنغهاي للتعاون يوما بعد يوم.
إن روسيا والصين اللتين تشكلان منظمة شنغهاي للتعاون هما دولتان مستعمِرتان. وهما تَقِفان في صفٍ واحدٍ مع الكفار في الحرب ضد الإسلام. ولذلك حدّدت منظمة شانغهاي للتعاون مُهمّتَها الأساسية بأنها مكافحة (التطرف)، يعني محاربة الإسلام. وعلى سبيل المثال فإن مكافحة (التطرف) أدرجت في جدول الأعمال على حدة في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في موسكو عام 2003 وتم إيلاء اهتمام خاص للحزب السياسي الإسلامي حزب التحرير؛ لأن حزب التحرير يرفع مَبْدَأ الإسلام من خلال الصراع الفكري والكفاح السياسي ضد مبدأ الكفر ونظامه الرأسمالي الذي يطبق في العالم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الحكيم كاراهاني
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في قرغيزستان
2019_07_10_Art_Goals_of_the_SCOs_leading_countries_AR_OK_1.pdf