Take a fresh look at your lifestyle.

“دروس” الديمقراطية: حكم الشعب كذبة كبرى

 

 

“دروس” الديمقراطية: حكم الشعب كذبة كبرى

 

تعريف الديمقراطية موجزا هو “حكم الشعب”. وهذا يعني أن الناس يضعون القوانين مدى الحياة ويطبقون هذه القوانين في حياتهم. وسنثبت كذب هذه الفكرة بربط الأحداث التي وقعت في قرغيزستان.

 

أولا – إن المعاهدات الدولية التي أُبرِمَت بمشاركة جمهورية قرغيزستان ودخلت حيز التنفيذ بالطريقة المقررة وكذلك مبادئ ومعايير القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة هي جزء لا يتجزأ من النظام القانوني لجمهورية قرغيزستان (النقطة 3 المادة 6 من دستور جمهورية قرغيزستان).

 

وفي الواقع إن القانون المذكور أعلاه يفيد الاستعبادَ للقوة الاستعمارية التي تسيطر اليوم على العالم. فإن شعب قرغيزستان ليس له الحق في المشاركة في اعتماد هذا القانون ولا يفهمه، ومع ذلك تم إدخال هذا القانون في الدستور. ولم يتم تطوير هذا القانون من شعب قرغيزستان حتى ولا من النواب، بل هو مما فرضه المستعمرون من خلال المنظمات الدولية.

 

فأين هو “حكم الشعب”؟

 

ثانيا – إن الديمقراطية ليست حكم الشعب بل إنها الرأسمالية. عندما انهارت الدولة الاشتراكية وتولت الرأسماليةُ السلطةَ لم يكن هناك أحد يفهم قانون “خصخصة ممتلكات الدولة” سوى بعض القادة. ولم يدرك الناس أن القوى الاستعمارية الرأسمالية قد استخدمت هذا القانون من أجل تحويل بلادنا إلى دولة رأسمالية ونهب ثروتنا من خلال وضع الحكام الرأسماليين على رأسها، ومع ذلك تم اعتماد هذا القانون ولو لم يفهم الشعب. ونتيجة لذلك فإن ثروة الشعب في البلاد صارت ملكية خاصة لهؤلاء القادة من خلال قانون الخصخصة. وهؤلاء القادة اكتسبوا ثروات بلادنا بالحصول على السلطة وأصبحوا رأسماليين، وأصبحت السلطة دُولة بينهم حتى يومنا هذا. وهؤلاء هم الذين استولوا على السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية. إنهم يسنّون القوانين لأنفسهم وينفذونها وفقاً لمصالحهم الخاصة. فأولئك الذين يملكون السلطة أو أبناؤهم ما زالوا في السلطة (ما لم نحتسب بعض التغييرات). فأين هو “حكم الشعب”؟

 

ثالثا – كما يتضح مما سبق أن الناس لا يشتركون في صنع القوانين في الحياة ويطيعون القوانين كلها إجباريّاً باسم البرلمان ولو كان ضد إرادتهم، وعندما يبدأ الشعب يغضب ينتقل الرأسماليون إلى طريقة أخرى، ويقولون إن ظروفنا المعيشية لا تتغير حتى نغيّر النظام. ويقصدون منه الانتقال من الحكم الرئاسي إلى الحكم البرلماني-الرئاسي (المختلط) أو إلى الحكم البرلماني الكامل. وفي الواقع فإنها كلها أشكال للحكومة الرأسمالية المغلفة في قناع الديمقراطية. وهي تضمن وصول الرأسماليين إلى السلطة من خلال إيجاد أمة مضطهدة. وعلى سبيل المثال قام عسكر أكاييف بحل “البرلمان الأسطوري” وأنشأ برلمانا ذا مجلسَين لتوطيد حكمه الاستبدادي. وفيما بعدُ شَرَطَ قائمة الحزب لدخول البرلمان من أجل صرف انتباه الناس عن الظلم، حيث أحضر الحزب التابع لأولاده “أولغا قرغيزستان” (وقد أدى ذلك إلى سقوط عسكر أكاييف). وبعد ذلك جاء باكييف بحزبه “أكجال” إلى البرلمان وحمّل جميع العيوب إلى نظام أكاييف. ولكن لم يتغير شيء واستمر طغيان السلطة. وفي أعقاب سقوط باكييف حمّلت الحكومة المؤقتة جميع العيوب إلى نظام باكييف وقدمت “حكماً مختلطاً”. وهذا “الحكم المختلط” لم يختلف عن الآخرين. ولكن الرأسماليين الذين في الحكم دفعوا مصالحهم في دعوة السادسة للبرلمان من خلال دعم حكومة أتامباييف. فإن البرلمان نفسه يعزز الآن حكم جينبيكوف ومن خلاله يُحقق الرأسماليون مصالحهم. فهل ترى في هذا “حكم الشعب”؟

 

رابعا – ويقال بأن السلطات لا يمكن أن تتجمّع في يد واحدة في الحكم الديمقراطي (أي في حكم الشعب). وهذا أيضا كذب. لأن طبيعة السلطة تقتضي أن تكون في يد شخص واحد. ولذلك نرى هناك أن الدولة يكون فيها قائد واحد فقط. ولهذا السبب تكون السلطة في يد رئيس في الشكل الرئاسي وفي يد رئيس الوزراء في الشكل البرلماني في الحكم الديمقراطي. وعلى سبيل المثال فإن أكاييف غيّر الدستورَ خمس مرات للحفاظ على السلطة في حكمه 15 سنة. وبعده جاء باكييف إلى السلطة وغير الدستور مرتين خلال شهرين في صراعه على السلطة. وفي المرة الثالثة تم تبني دستور جديد. كل ذلك حدث لجمع السلطة في يد واحدة. وكان دستور الحكومة المؤقتة قد مُنع في عام 2010 من إجراء تعديلات عليه حتى عام 2020. ومع ذلك غيّر أتامباييف الدستور في عام 2016 بجُزُوعٍ على حالته بعد استقالة رئاسته. والآن ألغى جينبيكوف “أُبُوَّةٌ أتامباييف” واستولى على مقاليد الحكم. لأنه لا يمكن أن يكون الحكم في يد شخصين. كما هو واضح من ذلك فإن عدم تجمُّعِ السلطات في يد واحدة هو مجرد كلام فارغ. من كان قائدا قويا فهو يستولي على مقاليد الحكم. ومن كان ضعيفا فتنقسم سلطته بين الآخرين. وفي النهاية يسقط أو يصبح دمية لزعيم قوي وراء الكواليس.

 

خامسا – وعلى ما يقال فإن السلطات الثلاث، أي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، يجب أن تكون مستقلّة من أجل تحقيق “حكم الشعب”، وهذا أيضا كلام فارغ. لقد ذكرنا بالفعل مدى ارتباط البرلمان بالسلطة التنفيذية. والآن إذا تحدثنا عن النظام القضائي فتبعيته أعلى من البرلمان؛ لأنه ليس جمعية عامة مثل البرلمان وفيه تخدم الأفراد واستغلالها سهل جدا؛ لأنه في البرلمان تكون هناك مصالح عامة ومصالح شخصية، بينما في القضاء توجد مصالح فردية.

 

إذا عارض القضاء والبرلمان رئيس الدولة فسيكونان مخيِّرَين زعيماً آخر.

 

ربما يقول أحدكم معارضا “إن الديمقراطية ليست هي الحال في البلدان المتقدمة وفي بلدنا لا تنمو الديمقراطية”. إذا نظر هذا الشخص الذي يقول ذلك بعناية فيري الرأسمالية هي المهيمنة تحت قناع الديمقراطية.

 

أيها السياسيون المسلمون في قرغيزستان! ربما تجدون أن أعمالكم التي تعملونها على أساس الديمقراطية تكون مفيدة لشعبنا، ولكن الله الخالق أعلم ما هو أفيد للناس. ولذلك حَكِّموا دينَكم في أموركم السياسية!

 

أيها المسلمون في قرغيزستان! لا تتبعوا تصرفات هؤلاء السياسيين على أساس الديمقراطية، بل حاسبوهم على أساس الإسلام؛ لأنكم مسلمون! فلا تنخدعوا بالكذبة الكبرى أي الديمقراطية التي يجلبها الغرب الاستعماري. والآن العالم بأسره يُسحق تحت النظام الرأسمالي المقنّع بقناع الديمقراطية الزائفة.

 

يجب علينا الآن أن نُسقط النظام الرأسمالي الفاسد ونقيم نظام الإسلام بدلاً منه! ولهذا فلندرسْ إسلامنا ولنخُضْ صراعاً فكرياً كفاحاً سياسياً، لأن رسول الله e قد أقام حكم الإسلام بهذه الطريقة.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الحكيم كاراهاني

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في قرغيزستان

 

 

2019_07_15_Art_Democracy_the_lie_of_the_rule_of_the_people_AR_OK.pdf