بيان صحفي
{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ}
قليلاً من الإنصاف يا رئيس الجمهورية
“فالشمس طالعة والناس قاشعة”
عمد رئيس الجمهورية يوم السبت 2019/08/31 إلى تزوير التاريخ، فوصف الخلافة العثمانية بدولةٍ إرهابيةٍ، وسمى حقبة احتلال فرنسا بمرحلة النفوذ الفرنسي، فقلب الباطل – أي الاحتلال – حقا، وقلب الحق – أي دولة الخلافة وعدلها – باطلاً.
لقد أقام رسولنا محمد e الدولة الإسلامية في المدينة، ثم كانت الخلافة الراشدة امتداداً لها، وكذا الخلافة الأموية فالعباسية فالعثمانية…
وعاش الناس من كافة الأديان والمذاهب في ظل حكم الإسلام ما يزيد على ثلاثة عشر قرناً من الزمان (1300 سنة)، وكانت دولة الخلافة هي الدولة الأولى في العالم، وساست الناس بشرع الله طوال تلك القرون، ثم تمكن الغرب الكافر المستعمر من إسقاطها وتفتيت البلاد الإسلامية إلى أكثر من خمسين مزقة، سمى كلا منها دولة، وكان منها لبنان.
وقد ارتكب الغرب مجازر بحق المسلمين راح ضحيتها الملايين.
ولبنان هذا لم يكن قبل سنة 1920م سوى جزءٍ من بلاد الشام، وكانت أرضه موزعة بين ولايات الدولة الإسلامية.
وحين قسمت اتفاقية سايكس-بيكو أراضي دولة الخلافة كان لبنان ضمن القسم المخصص لفرنسا من بلاد الشام فاحتلته، واحتفل الصليبي الجنرال غورو في 1 أيلول 1920م بإعلان دولة لبنان الكبير، وحينها رفض معظم السكان هذه الدولة الهجين، بمن فيهم فريق من النصارى، ورأوا فيها مؤامرة استعمارية، فرضت عليهم بقوة الحديد والنار. وقد نكل الفرنسيون اعتقالاً وقتلاً وسجناً ونفياً، بمن لم يقبل بإعلان هذه الدولة.
كان الأَولى بك يا رئيس الجمهورية أن تصف بالإرهاب والإجرام الدول الغربية، التي احتلت البلاد وشردت العباد، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا، لا أن تسمي الدولة التي حمت المسلمين وغير المسلمين – ومنهم النصارى الموارنة – ولولاها لما كان لكم وجود، لا نقول في لبنان وحسب، بل لانعدم وجودكم من الأرض…
بل إن رؤساء الكنيسة المارونية كانوا كسائر رؤساء الطوائف يعيَّنون بقرار من السلطان العثماني، وكانوا يعلنون الولاء لدولة لخلافة التي حمتهم ورعتهم وأعطتهم كامل حقوقهم.
ونذكرك أيها الرئيس بزيارة البطريرك إلياس الحويك للسلطان عبد الحميد الثاني، وإعلانه الولاء له، ونيله عشرة آلاف ليرة ذهبية من السلطان دعماً للكنيسة المارونية، فهل كان البطريرك كاذباً أو منافقاً في إعلانه ولائه ذاك؟!
أما القائلون إن الخلافة العثمانية ظلمت نصارى جبل لبنان أثناء الحرب العالمية الأولى وأساءت معاملتهم، فنقول لهم: إن دول الحلفاء أعلنوا الحرب على السلطنة، وهم الذين فرضوا حصارا بحرياً عليها، فكانت سفنهم الحربية ترابط قبالة شواطئها، بما فيها شاطئ جبل لبنان وسائر السواحل الشامية، واكتشفت السلطنة تعامل بعض الشخصيات في هذه البلاد من المسلمين والنصارى مع الاستعمار الفرنسي وتآمرهم عليها، فحوكموا وعوقبوا.
ومن الظلم الكبير والافتراء الجلي أن نصور الخلافة العثمانية دولة إرهابية، حين تدافع عن سيادتها وسلطانها… بل إن الغرب هو الذي فرض حصاراً على كل بلاد الخلافة، فمات الناس جوعا، على الرغم من محاولة السلطنة تأمين الطعام والدواء لهم، فمن الذي يستحق الوصف بالإرهاب؟!
يا رئيس الجمهورية، إننا نحذر من تزوير التاريخ ومن التضليل الذي يقلب الحقائق، في محاولاتٍ لتشويه تاريخ الإسلام، فهذا الأمر غير مقبولٍ أبداً، ولا نراه يأتي بخير، وإذا فُتح هذا الباب فحقائقه ساطعة كالشمس… فالحق يبقى حقاً مهما خفَتَ صوت أتباعه، والباطل يبقى باطلاً مهما علا صوت أتباعه.
لقد اغتر البعض بضعفٍ اعترى الأمة الإسلامية، والحقيقة أنها عائدةٌ وهي تتحفز لذلك… وستعود أقوى مما كانت عليه، وستعود بلاد المسلمين تحت حكم دولة واحدة هي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وستحرر فلسطين وكل قطر احتل من بلادنا، وستزيل السدود والحدود بينها، وستنشر العدل في الأرض، وسيعم الرخاء… هذا وعد ربنا سبحانه وبشرى نبينا e.
إن الخلافة القادمة ستكون دولة الحق وعلى منهاج النبوة بإذن الله تعالى، وإننا نرتقبها ونعمل لإعادتها ونستأنف الحياة الإسلامية من جديد، ولن يكون لبنان سوى جزء عزيز من هذه الدولة الموعودة.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية لبنان