مع الحديث الشريف- الاستطاعة والقدرة على تطبيق الأحكام
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَخُذُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» (سنن ابن ماجه).
أيها المستمعون الكرام
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، أما بعد،
إن هذا الحديث الشريف فيه من الإرشاد الكثير. إن الإنسان بطبعه يسعى إلى التخفيف عن نفسه، فهو كسول لا يسعى إلى الجد والاجتهاد، ومع هذا نرى من يجاهد نفسه على فعل الخير، ويقارع الذات التي تهوى اليسر وتكره العسر. والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يجاهدون ويسعون لمعرفة أحكام الله تعالى حتى لا يقعوا في محظور.
من المسلمين من يكثر السؤال ظنًّا منه أن هذا سيخفف عنه، وقد حدث في الماضي أن أناسًا كانوا يكثرون السؤال سعيًا منهم لتجنب الالتزام بأوامر الله، وليست قصة البقرة في القرآن ببعيدة عن الأذهان، وحتى ناقة صالح.
ها هو الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ينهى المسلمين عن كثرة السؤال عن أمور بينها الشرع، ففي الماضي عندما كان يرسل الأنبياء إلى شعوبهم، كانت أقوامهم تلح في السؤال، وذلك لعدم تحملهم الحكم، ورغبتهم في معصيته، حتى وقع عليهم العذاب والهلاك. لقد جاء الإسلام كاملًا متكاملًا، لا نقص فيه، وما سكت عنه الشرع هو عفو من الحرام، أي هو حلال.
والأمر الآخر الذي يلفت الحديث الشريف النظر إليه هو قول الرسول الكريم بأن الله لم يكلف المسلمين بشيء لا يستطيعون القيام به، كل حسب طاقته، والله سيحاسب كل مسلم على قدر طاقته ومقدرته، وهو العالم بهذا الأمر، العالم بالعباد، وكل إنسان على نفسه شهيد. أما التحريم، وهو طلب الامتناع، فكل امرئ قادر على الابتعاد عن الحرام، ولا يوجد عذر لمرتكبه.
الله نسأل أن يعيننا وييسر لنا أمرنا في الالتزام بأوامره، وأن لا نقع في الحرمات حيث لا يوجد لنا فيها عذر نحتج به أمام الله تعالى. نسأل الله أن ييسر لنا أمرنا كله، إلى ما يحب ويرضى، وأن يهيئ لنا من يعيننا على القيام بالأحكام في هذه الدنيا، في القريب العاجل.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح