مع الحديث الشريف
حق المسلم على المسلم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: صَعِد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فنادى بصوت رفيع، فقال: «يا معشر مَن أسْلَمَ بلسانه ولم يُفضِ الإيمان إلى قلبه، لاتُؤذوا المسلمين، ولا تُعَيِّرُوهم، ولاتتَّبِعُوا عوراتهم؛ فإنه مَن تتبَّع عورة أخيه المسلم؛ تتبَّع الله عورته، ومَن تتبَّع الله عورته يفضحْهُ ولو في جوف رحله». أخرجه الترمذي.
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام محمد بن عبد الله، أما بعد,
إن هذا الحديث يرشدنا إلى أمور تحدث معنا كل يوم، سواء انتبهنا إليها أم لم ننتبه. إن ما قاله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يدل على أن الإنسان إن اعتقد بالله ربًا، واقتنع بالإسلام دينًا، يصبح شخصية منسجمة، تعيش في سلامة الدين والعقيدة. وقد يسلم المرء ولا يلتزم بالإسلام بكل أصوله وفروعه، فيصبح كما وصفه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، مسلمًا باللسان فقط، وهذا لا يُقبل منه، بحيث يجب أن ينسجم سلوكه مع ما يدّعي اعتقاده.
جاء في هذا الحديث مثال من واقعنا، حيث يؤذي المسلم أخاه المسلم باللسان، بأن يصفه بما يؤذيه، أو يصغره، ويقف على عوراته، وهذه الأفعال الشاذة لا تنسجم مع روح الدين، الذي جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. فنرى أمثالهم هذه الأيام من المسلمين، يسيئون إلى أخوتهم بألسنتهم، ولا يوجد مبرر شرعي لهذا التصرف. بل ومن المسلمين من يصفون إخوتهم بالفسق والكفر والكذب من غير مبرر.
إن هذا الحديث الشريف يصف من يتتبع عورات الآخرين ويفضح أخاه المسلم، ويحذّره بأنه سيُجزى بنفس الأمر من قبل الله تعالى، الذي سيفضحه ويجعله عبرة لغيره.
إن هذا يجعلنا نقف ونحاسب أنفسنا على كل كلمة نتلفظ بها، بحيث أنها قد تؤدي بنا إلى الهلاك والعقاب الشديد من عند الله. وعلينا أن ندرك قول الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 18]، الذي يدل على أن الله تعالى يراقب كل كلمة تصدر منا، ما يجعلنا نراقب أنفسنا فيما نختاره من الكلام، فنختار الكلام الذي يمدحه الشرع ويرضي الخالق، ولا نستصغر الحرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الرّجل ليتكلّم بالكلمة لا يُلقي لها بالاً تهوي به سبعين خريفًا».
علينا أن نحافظ على حقوق المسلمين، ومنها حقهم بالنصح، وعدم ذكرهم بما يكرهون، وعدم تتبع عوراتهم وفضحها.
الله نسأل أن ينجينا من عذاب يوم القيامة، وأن يحفظ جوارحنا، ومنها ألسنتنا، من الوقوع في المحظور، وأن يعجل بالفرج والنصر لهذا الدين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح