مع الحديث الشريف
الإخلاص الخالص لله تعالى
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن عائشة رضي الله عنها -زوج النبي صلى الله عليه وسلم- قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)، قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: «لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات». سنن ابن ماجه.
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، أما بعد،
إن هذا الحديث الشريف يظهر لنا الكثير من المعاني التي نحتاج أن نذكر أنفسنا بها، حتى لا نقتصر على القليل بظننا أنها تكفي وتقي عذاب الله وتدخلنا جنته.
إن الإنسان مهما ارتفع وارتقى في علمه وفكره، يبقى دون معرفة الله تعالى وعلمه به. يستخدم المسلم الصادق علمه ومعرفته في التقرب من الله تعالى، حيث يدرك ما الذي يرضيه سبحانه وتعالى، وما يغضبه.
قد يظن الناس أن الذي يقوم بالمحرمات كشرب الخمر والسرقة في نفسه خشية لله عز وجل، لكن السلوك ينتج عن الفكر الذي يحمله المرء، وعليه فهو عندما سلك هذا السلوك الخاطئ المغضب لله تعالى عن إصرار كان يتبع الفكر الذي يحمله، الذي أجاز له فعله، وهي حقيقة لم يجزها الله سبحانه وتعالى وحرّمها.
لقد أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها بأن هناك أناس علموا أوامر الله تعالى ونواهيه، ووقفوا عليها، والتزموا حدود الله، وتقربوا إليه بالنوافل، هؤلاء تجد في أنفسهم خشية الخالق الباري، من أن لا يقبل عملهم، خوفًا من أن يكونوا لا يقوموا بالعمل بالشكل الصحيح وكما أمر الله تعالى، وخوفًا من أن يحمل قلبهم شيئًا من الرياء الذي يذهب العمل…
هنا لا بد أن نذكر، أنه من يظن أن أعماله قد قُبلت بسبب ظاهرها مع أن باطنها النفاق والرياء، فهو مخطئ، وأعماله إنما كسراب يحسبه الظمآن ماء، مهما قام من ليل، وأظهر من بكاء، وتظاهر بأنه قائم على شرع الله، فإنها لو ظن الناس بها حسنًا، فإن عالم الغيب يعلم ما تخفي الأنفس.
ونحن هذه الأيام، نرى من ينطبق عليه وصف ما ورد في الحديث، فتجد من يفعلون الأفاعيل، ويرجون رحمة الله، ونرى كذلك القليل من الناس من يسعون ويجتهدون كي يقبل الله أعمالهم، ويرضا عنهم.
فالله نسأل أن نكون ممن أعمالهم خالصة لوجهك الكريم، ولا يخالطها ولا يجاورها أي رياء ولا نفاق، وأن تقبلها ربنا وتعفو عنا إن نسينا أو أخطأنا.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح