مع الحديث الشريف
إن الله غفور رحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عنه، أنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، فَغَفَرَ لَهُ. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا آخَرَ، وَرُبَّمَا قَالَ: ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، فَغَفَرَ لَهُ. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا آخَرَ، وَرُبَّمَا قَالَ: ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ» أخرجه الْبُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ.
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، أما بعد،
إن هذا الحديث الشريف من الأحاديث المباشرة التي تفرح قلب المسلم، فالخالق الباري الذي بيده كل شيء، صاحب الحل والعقد في أمرنا، إذا أردنا أن ندخل جنته فيجب أن نتلبس بما فرضه علينا، وإن قمنا بما يغضبه عز وجل، فله حق علينا أن نستغفره، حتى يصفح عنا، وهو الغفور الرحيم.
هنا يجب الوقوف على حيثيات هذا الحديث، وهو أن الله تعالى يغفر كل شيء، وتكرار الذنب لا يقفل باب التوبة إذا كانت نصوحة، وهي التي تكون بصدق في أربعة أمور: أن يقلع المذنب عن الذنب، ويندم على فعله، ويعزم على عدم الرجوع إليه، وإذا كان يتعلق بحق آدمي فيعيد له هذا الحق أو يحصل على مسامحته، عندها يغفر الله له، ويصفح عنه، فهو سبحانه وتعالى يريدنا أن ندخل جنته ونتقي عذابه، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ، كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ».
لكن قبول التوبة لا يعني أن يركن المسلم، فيرتكب ما شاء من الذنب قاصدًا الاستغفار لاحقًا! فالله يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور.
الأصل بالمسلم أن يلتزم بما جاء به الشارع، وإن جهل في مسألة عليه أن يسأل ويتحرى، وبعد ذلك إن وقع في الخطأ بغير قصد ولا تعمد، فالله سبحانه وتعالى يغفر له ويتوب عنه. أما من يتعدى حدود الله، غير مكترث بالحكم الشرعي، لا يسمع نصحًا ولا يحاسب نفسه، يقول الله سيغفر لي، فهذا يجب أن يقف عند حدّه.
الله نسأل أن نعمل بالحق، وأن نسلك سبيل الحق، وأن نسير على الحق، وأن نكون ممن أحب الله لهم الجنة، وكره لهم عذاب النار، وأن يتقبل استغفارنا، وتوبتنا.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح