مع الحديث الشريف
من أحب الله ورسوله فليحبب أخاه المسلم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حدثنا إسحق بن إبراهيم، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر، ومحمد بن بشار جميعًا، عن الثقفي، قال ابن أبي عمر حدثنا عبد الوهاب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ؛ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» أخرجه مسلم.
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، أما بعد،
إن هذا الحديث الشريف فيه إرشادات دقيقة وواضحة للعيان، فيما يجب أن يكون عليه المؤمن حتى يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، حيث هناك خصال يجب أن يتحلى بها المؤمن الذي ينزع إلى الكمال، حتى يقف أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة بريء الذمة، خالص النفس، قائمًا بما أمر الله به، غير مقصر ولا متجاوز لحدود الله.
أول هذه الخصال، أو الأمور التي يجب أن تكون لدى المؤمن، هي أن يحب الله والرسول صلى الله عليه وسلم حبًا لا ينازعهما أحدٌ فيه. ويتمثل هذا الحب في أمرين؛ بأن يستقر هذا الحب في قلب المؤمن ووجدانه، وبأن يتجسد هذا المعنى في سلوكه، حيث أنه يسعى لنوال رضاهما والفوز بمحبتهما فوق كل شيء. ومن أحب أحدًا، أحب لقاءه، ومن أحب لقاءه، أحب أن يراه على أحسن حال، وهذا يكون بالمسارعة إلى الأعمال التي ترضي المحبوب ولا تغضبه، وهكذا يتجسد معنى الحب في الجوارح والأفعال. وعليه فإن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يحبان أن يكون العباد كما أمرهم الله تعالى أن يكونوا، قرآنًا يمشي على الأرض، يخالقون الناس بخلق حسن، يصفحون، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقومون على شرع الله، ويسعون لتطبيقه على أرض الواقع.
الأمر الثاني، هو أن يتحابب المسلمون على أساس طاعة الله، وهذا أقوى أنواع العلاقات وأمتنها وأبقاها حتى قيام الساعة، أن يحب المرء أخاه لأنه يطيع الله، لا أن يبني حبه للآخرين من بني عقيدته على أساس المصلحة، وذلك حتى يستحق الرضا من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. وهذا يعني أن تسود المحبة بين المسلمين، ولا يعودون يهتمون بتتبع عيوب بعضهم، بل يحبون بعضهم في الله، وينصرون بعضهم على الحق، ولا يجعلون لأعداء المسلمين عليهم سبيلاً.
الأمر الثالث هو أن يكره أن يكون من أصحاب النار، ويحرص على أن يكون من أصحاب الجنة، الداعين لها. إن الله غفور رحيم، ولكنه سبحانه شديد العقاب، فيجب أن يبقى المسلم حريصًا على أن لا تصدر منه أعمالًا يشرك بها مع الله أحدًا، وتلقي به إلى النار، فالله سبحانه وتعالى لا يغفر أن يشرك به.
فالله نسأل أن يعيذنا من نار جهنم، وأن يصفح عن زلاتنا، وأن يرشدنا إلى الحق وأهله، وأن نكون ممن يحبهم هو عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يدخلنا الجنة مع الأنبياء، والصديقين والشهداء والصالحين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح