Take a fresh look at your lifestyle.

هل حلف الناتو ميت بالفعل؟

 

هل حلف الناتو ميت بالفعل؟

 

 

 

الخبر:

 

أدلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتصريح مفاجئ لصحيفة “الإيكونومست” قال فيه “ما نشهده حالياً هو موت سريري لحلف شمال الأطلسي” بالإضافة إلى ذلك، عزا ماكرون سبب ذلك إلى الولايات المتحدة باعتبارها السبب الوحيد للحالة الراهنة لأوروبا [ذي أتلانتيك]، وهذا يثير إمكانية ما إذا كان لحلف الناتو مستقبل قابل للحياة أم لا.

 

التعليق:

 

يمكن لماكرون أن يضع اللوم على رئاسة ترامب كعامل رئيسي وراء انحدار الناتو، فقد طالب ترامب مراراً من أعضاء حلف الناتو تقديم المزيد من الأموال أو مواجهة العواقب. وقدّم ترامب، بلا خجل، مبادرات مفرطة لإعادة تأهيل بوتين لروسيا، على الرغم من التقاعس تجاه تدخل روسيا في أوكرانيا وفي العديد من الدول الأوروبية. في الآونة الأخيرة، أدّى الضوء الأخضر الذي أعطاه ترامب لأردوغان لإنشاء منطقة آمنة في سوريا، أدّى ذلك إلى امتعاض حلف الناتو، وكان واضحا أنّ البيت الأبيض لم يستشر حلفاءه المهمّين مثل بريطانيا وفرنسا.

 

يزعم مؤيدو حلف الناتو أن فرنسا كانت تحافظ بشكل دائم على موقفها تجاه الناتو، وكانت معادية جداً لإشراف الولايات المتحدة على الحلف. وتحت رئاسة ساركوزي، انتهت علاقة فرنسا المباشرة مع الناتو رسمياً في عام 2009، بعد 43 عاماً من الجدل الذي بدأه تشارلز ديغول حول دور القيادة الأمريكية في الناتو.

 

إنّ المخاوف بشأن هيمنة أمريكا على أوروبا ودور الناتو في العالم ليست جديدة، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1991، شككت العديد من الدول الأوروبية في حرص أمريكا على توسيع مهمة الناتو، وهذا بعد أن أنشأت أمريكا الناتو في عام 1948 لقمع النزعة العسكرية الألمانية، ومواجهة التوسع السوفيتي في أوروبا الغربية والاحتفاظ بالسيطرة على الأمن الأوروبي.

 

كما مكّنت هذه السياسة أمريكا من أن تصبح أول قوة غير أوروبية تتمتع بميزة لا مثيل لها على أوراسيا. فقد تلاعبت أمريكا بمهمة حلف الناتو من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم بعد فترة وجيزة من انهيار الاتحاد السوفيتي، واستخدم الناتو الهيكل الأمني ​​لأوروبا لتشمل أوروبا الشرقية وبالتالي الحد من نفوذ روسيا.

 

وبالتالي، فإنه من الصعب تصديق أنه حتى في ظل رئاسة ترامب، ستتخلى أمريكا عن حلف الناتو وتتراجع، فالمخاطر بالنسبة لأمريكا عالية جدا، إضافة إلى ذلك، لن تستطيع أوروبا في المستقبل القريب استبدال أمريكا للحفاظ على أمنها بنفسها. ويقدّر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن إنشاء حلف أمني يشبه الناتو تحت رعاية أوروبية سيكلف 347 مليار دولار، وهذا يحتاج إلى 20 سنة لتحقيقه. [ذي أتلانتيك]

 

ولطالما استاءت أوروبا القديمة من السيطرة الأمريكية على الأمن الأوروبي من خلال الناتو، وما تصريح ماكرون إلا لسان حال هذه المشاعر السائدة في أوروبا، والفرق بينه وبين باقي الزعماء الأوروبيين هو أنه لا يخاف من التعبير عن هذه المشاعر علنا، في حين إن ميركل حريصة على تجنب حرب تجارية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، فهي أكثر حذراً بشأن الإفصاح عن وجهات نظرها، لذلك سرعان ما استنكرت تصريحات ماكرون، على الرغم من أنها أعربت في الماضي عن مخاوف مماثلة بشأن موقف أمريكا المتناقض تجاه الناتو والأمن الأوروبي عموماً.

 

أما بالنسبة لترامب، فهو يود أن يرى انهيار الاتحاد الأوروبي وليس الناتو، فأمريكا تريد أن تبقي المنظمة لتوفير الأمن لمجموعة من الدول القومية الأوروبية بدلاً من الاتحاد الأوروبي من عيون روسيا الفتاكة.

 

والشيء المؤكد في العلاقة بين ضفتي الأطلسي، بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي كانت حجر الأساس للنظام العالمي لأمريكا، هو أن هذه العلاقة أصبحت على المحك بشكل خطير ومن غير المرجح أن تستمر طويلا. وقد يوفر ذلك لمنافسي أمريكا غير الأوروبيين (روسيا والصين) فرصة صغيرة لتحل محل الولايات المتحدة – إذا قررت أمريكا الانسحاب – وتكون بمثابة منافس خارجي في القارة الأوروبية. والدولة الوحيدة غير الأوروبية التي كانت تتمتع بمثل هذا الدور هي الخلافة العثمانية في القرن السادس عشر.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المجيد بهاتي

2019_11_13_TLK_2_OK.pdf