Take a fresh look at your lifestyle.

مناهج التعليم يجب أن لا نكون منفذين لوثيقة كامبل

 

 

مناهج التعليم يجب أن لا نكون منفذين لوثيقة كامبل

 

الخبر:

قطع عمر أحمد القراي مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي، أنّ تغييراً كبيراً سيطال المناهج الدراسية للطلاب بالمدارس. (صحيفة التيار، الأحد 27 تشرين الأول/أكتوبر2019م)

 

التعليق:

يبدو أن هناك اتفاقا منا جميعاً على ضرورة تغيير المناهج الدراسية لتغيير حال التعليم، وأود في هذه السانحة أن أتحدث عن بعض نقاط لا بد من مراعاتها عند القيام بذلك، وأرجو أن تجد أذنا صاغية.

المناهج هي الآليات التربوية التعليمية والمضامين العلمية التي تُعطَى للأفراد لتكوين شخصياتهم المتكاملة ضمن مقاييس وثقافة وضمن ثوابت الأمة. فالمناهج تعني المستقبل الحقيقي بكلمة واحدة إذا قلنا المناهج فنحن نعني مستقبل الأمة ونعني مسؤولية عظيمة ملقاةً على عاتق من يضطلع بتغيير المنهج تضعه في تحد عظيم. إما أن يتبع الطرق المستقيمة التي تفضي إلى نهضة الأمة أو يتنكب طريق الضلال الذي يبقي الأمة مكبلة بالتبعية والقيود التي تبقيها في ذيل الأمم، والحقيقة المطلقة التي يجب مراعاتها هي أن ثقافة الأمة “أية أمة” هي العمود الفقري لوجودها وبقائها، فعلى هذه الثقافة تُبنى حضارة الأمة وتتحدد أهدافها وغايتها ويتميز نمط عيشها، وبهذه الثقافة ينصهر أفرادها في بوتقة واحدة، فتتميز الأمة عن سائر الأمم. فهي عقيدتها وما ينبثق عنها من أحكام ومعالجات وأنظمة، وما يبنى عليها من معارف وعلوم، وما دار من أحداث مرتبطة بهذه العقيدة كسيرة الأمة وتاريخها. فإذا اندثرت هذه الثقافة انتهت هذه الأمة، كأمَّة متميزة، فتبدلت غايتها ونمط عيشها وتحول ولاؤها، وتخبطت في سيرها وراء ثقافات الأمم الأخرى.

وكل من درس في الجامعات الأمريكية والغربية بصفة عامة يعلم أنهم يجبرون حتى طالب الدكتوراة على الأساس الفلسفي، فما بالنا كأمة تمتلك أصح عقيدة على الإطلاق وهي عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا نبني عليها ونجعلها محور التعليم والتعلم؟! لذلك يجب أن يكون الأساس الذي يقوم عليه منهج التعليم هو العقيدة الإسلامية، فتوضع مواد الدراسة وطرق التدريس جميعها على الوجه الذي لا يحدث أي خروج في التعليم عن هذا الأساس.

لذلك يجب أن توضع المناهج لبناء الشخصية الإسلامية، عقلية ونفسية، لأبناء الأمة، وذلك عن طريق غرس الثقافة الإسلامية، عقيدة وأفكارا وسلوكا، في عقول الطلبة ونفوسهم. لذا يحرص واضعو المناهج ومنفذوها على تحقيق هذه الغاية. والرسول الكريم r، ربّى صحابته الكرام تربية قرآنية، فأوجد شخصيات إسلامية، وتبعه الخلفاء الراشدون بانتهاج منهجه r في التربية. فكان النهوض للأمة الإسلامية لترتقي عرش سائر الأمم، ولتمسك بقوة زمام القيادة الفكرية للعالم، ولتزدهر في جميع مجالات الحياة: فكرية، وعلمية، وعملية.

كما يجب أن توضع المناهج على نحو يراعي إعداد أبناء المسلمين ليكون منهم العلماء المختصون في كل مجالات الحياة سواء في العلوم الإسلامية (من اجتهاد وفقه وقضاء وغيرها)، أو في العلوم التجريبية (من هندسة وكيمياء وفيزياء وطب وغيرها)، علماء أكفاء يحملون دولة الإسلام والأمة الإسلامية على أكتافهم لتقتعد المركز الأول بين الأمم والدول في العالم، فتكون دولة قائدةً ومؤثرة بمبدئها، لا تابعة أو عميلة في فكرها واقتصادها.

وعلى هذا يمكننا القول إن الغاية من مناهج التعليم تتمحور حول هدفين:

أولا: إيجاد الشخصية الإسلامية، وتزويد الناس بالعلوم والمعارف المتعلقة بشؤون الحياة. فتجعل طرق التعليم على الوجه الذي يحقق هذه الغاية وتمنع كل طريقة تؤدي لغيرها. ولا يكون ذلك ممكنا إلا بتضمين مناهج التعليم المبادئ الأساسية للإسلام وتطبيقه بشكل عملي، وأن تدرس الثقافة الإسلامية في جميع مراحل التعليم، وأن يتم تشجيع أبنائنا ليصبحوا أكفاء في فهم الأحكام الشرعية والقضائية من أجل فهم كيفية تطبيق الإسلام في الحياة العملية.

ثانيا: يجب التركيز على العلوم التجريبية في مختلف مراحل التعليم بهدف تطوير الإنتاج والتنمية والتكنولوجيا، بحيث تصبح البلاد قائدة للعالم وليست مقودة في مجالات الابتكار الصناعي والصحة والهندسة المعمارية والمتطلبات العملية الأخرى للوجود الإنساني، كما يجب ربط العلم والتكنولوجيا بالحاجات الضرورية العملية، مثل الزراعة والصناعة والرعاية الصحية، وهذا الذي سيضمن تفوق الأطباء والعلماء والمهندسين بين الأمم. ومن خلال التمازج بين أبناء المسلمين الأكفاء وبين غاية المسلمين في الحياة ستنتج ثورة في الإبداع والتقدم وبناء قوة رائدة.

إن أي محاولة لوضع مناهج تعليم تنحرف عن هذا المسار السامي تصبح محاولة من ضمن محاولات يائسة تبقينا في المربع الأول الذي خطط له منذ زمن بعيد ونصبح مجرد منفذين كما ورد في وثيقة كامبل تبرمان، وقد صاغها اللورد هنري كامبل رئيس وزراء بريطانيا بين عامي 1905-1908م. وبعث بها إلى الجامعات البريطانية والفرنسية لدراستها، وقد أصدرتها هذه الجامعات عام 1907م تحت اسم وثيقة كامبل، وجاء فيها: “أن من واجب الحضارة الغربية أخذ الاحتياطات والإجراءات لمنع أي تقدم علمي محتمل لهذه المنظومة الثقافية أو إحدى دولها (دول العالم الإسلامي) لأنها مُهدِدة للنظام القيمي الغربي، ولا بد من التعامل معها وفق الإجراءات التالية: 1- حرمان دولها من المعرفة والتقنية وضبطها في حدود معينة…إلخ”.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة عبد الجبار (أم أواب)

 

2019_11_14_TLK_2_OK.pdf