الأهداف غير المعلنة للمنظمات ودور الأمة في مواجهتها وإسقاط الأنظمة الحامية لها
لم يستطع الغرب التأثير في المسلمين إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي عبر منظماتهم وبعثاتهم السرية والمتخفية تحت أسماء متعددة، ثم كانت الفاجعة الكبرى والمصيبة العظمى المتمثلة بهدم الخلافة العثمانية التي بذهابها فتح الباب على مصراعيه لدخول كل الشرور والمفاسد التي حملها الكافر المستعمر إلى بلاد المسلمين؛ فقد توقف العمل بكتاب الله وسنة رسوله الكريم e، وتمزق جسد الأمة الواحد، وسفكت دماء المسلمين، ونهبت ثرواتهم، وتفشت فيهم الجرائم والذنوب العظام، وفقد المسلمون العلوم والتكنولوجيا وقد كانوا روادها، وتوقف الجهاد في سبيل الله وحرف الكافر معناه وأصبح الجهاد هو قتالاً بين المسلمين في حروب فتنة عبثية، وحكم المسلمون بقوانين كفر وضعية من خلال أنظمة عميلة للكافر المستعمر وخائنة لله ورسوله والمؤمنين، وانتشرت المنظمات الغربية باعتبارها رديفة للأنظمة لتفسد الأسر وأفرادها والتي عجزت الأنظمة عن إفسادها، وقد أوجد الكافر المستعمر البيئة المناسبة التي تتحرك فيها المنظمات بكل أريحية ولا تواجه أي رفض من المسلمين لوجود البيئة المناسبة والتوقيت المناسب، وقد أوكل الكافر المستعمر حمايتها إلى الأنظمة العميلة له التي تحكم المسلمين برأسماليته العفنة المنتنة التي اكتوت البشرية بنارها خلال قرنين من الزمن.
البيئة المناسبة لانتشار المنظمات بسهولة ويسر
يعمد الكافر المستعمر إلى إيجاد بيئة مناسبة لنشر منظماته الفاسدة ولتحقيق أهداف أخرى في آن واحد، فيوجد الحروب الطائفية أو الوطنية أو القومية لتحقيق أجندته وتنفيذ مصالحه ونهب ثروات الأمة وجني الأموال الطائلة من بيع الأسلحة فيصبح الخراب والدمار والقتل والتشريد والكوارث والأزمات تعصف بالأمة، فيكون دخول المنظمات وهي ترفع شعار حقوق الإنسان وتذرف دموع التماسيح على الأطفال والنساء، يكون له ما يبرره فيتقبل الناس وجودها وتصبح بعد فترة زمنية مألوفةً عندهم لأن وسائل الإعلام المسيس تكاد تحصر هدف المنظمات في العمل الإنساني من توزيع السلّات الغذائية التي قارب تاريخها على الانتهاء وبعضها لم يعد صالحاً للاستعمال، ورصف الطرقات، وتسليم بعض مرتبات الموظفين كتسليم مرتب واحد تجزئه في دفعات خلال سنة كاملة وبعد انتظار طويل.
فالهدف الظاهر لهذه المنظمات هو تخفيف المعاناة الإنسانية وإغاثة المنكوبين من جراء الحروب التي تجري بين المسلمين، أما الحقيقة الناصعة فهي أن لهذه المنظمات أهدافاً خبيثة وخفية وغير معلنة.
أهداف المنظمات الخفية الخبيثة غير المعلنة
للمنظمات مجموعة من الأهداف الخفية والخبيثة والشريرة غير المعلنة ومنها:
أولا: التشكيك في معتقدات المسلمين
لقد لبست المنظمات ثوب الإنسانية وتسعى إلى زراعة أفكار خبيثة تتمثل في أنها تعالج الأخطاء الناتجة من ثقافة المسلمين الخاطئة، مثل معالجة المعاناة الناشئة من الحروب بين المسلمين التي سببتها أفكار العنف التي يؤمنون بها، ومثل مظلومية المرأة وعدم إعطائها حقوقاً كالرجل في العمل والميراث وتقلد المناصب المختلفة، وعدم السماح لها بالمشاركة في معترك الحياة كالرجل، فهي تزرع مفهوماً خبيثاً خاصة عند البسطاء؛ أن الكفار هم على الحق وهم أصحاب الرحمة ودينهم هو الذي لديه الرعاية الصحيحة، فالأولى بهم اتباعه وترك الإسلام! وقد تخرج أعداد ممن التحقوا بالمنظمات ملحدين وأعلن بعضهم ترك الإسلام واعتناق النصرانية.
فهي تزرع في أوساط المسلمين الشك بالعقيدة الإسلامية وأن الإسلام ظلم المرأة ويحرض على العنف والقتل والذبح، والحروب الحالية بين المسلمين في اليمن والعراق وليبيا وغيرها يتخذونها دليلاً على أن الإسلام يحرض على الإرهاب والعنف، وتناست هذه المنظمات أن الحرب العالمية الأولى والثانية، وهي بين دول الكفر، قد حصدت أكثر من خمسين مليوناً من البشر وأن أمريكا قتلت أكثر من عشرين مليوناً من الهنود الحمر وهم سكان أمريكا الأصليون.
ثانيا: هدم القيم الرفيعة والأخلاق العالية
تركز المنظمات بشكل كبير على إفساد المرأة وهدم قيم المسلمين الراقية وأخلاقهم العالية، ولذلك فهي تعمل على جذب الكادر النسائي إليها وتكوين منظمات نسوية لإفساد المرأة تحت ستار حقوق المرأة، فهي تشترط على الملتحقين بها للعمل فيها وجود الجنسين في أغلب الأعمال، وبعضها تشترط على المرأة ترك الخمار لقبولها موظفة فيها، وهي تركز على القيام بالدورات الثقافية المختلطة التي تهدم القيم والأخلاق وتعمل فيها ألعاباً ترفيهية لكسر الحواجز بين الجنسين وتنمية المياعة والخلاعة والأخلاق الساقطة وتروج للرذيلة والفاحشة وتجند للدعوة إليها من الجنسين.
ثالثا: حرف مفهوم الرعاية الصحيحة عند المسلمين
تسعى المنظمات إلى تضليل المسلمين وحرف مفهوم الرعاية الصحيحة عندهم، فالذي يرعى شؤون المسلمين هو الخليفة الذي يحكمهم بشرع الله ويطبق فيهم ما أنزل الله، لكن المنظمات تعمل على تغييب هذا المفهوم فهي تعمل على امتصاص بعض غضب الأمة لتهدئة ثوراتها حتى تخف نارها فيستمر عملاء الغرب في الحكم فيجرون وراء وَهْم رعاية المنظمات لهم، فلا يعملون على تغيير الأنظمة الفاسدة وإقامة حكم الإسلام مكانها، وتزرع مفهوم الثقة بالمنظمات ورعايتها.
رابعا: تجعل المسلمين عالة عليها
عندما تلبس المنظمات ثوب الإنسانية وتقوم بتوزيع السلّات الغذائية التي أصبح بعضها غير صالح للاستخدام تجعل المستفيدين منها عالة عليها فلا يفكرون في العمل.
خامسا: تستحوذ المنظمات على أموال طائلة للمتنفذين فيها والعاملين
عندما تتباكى المنظمات على حقوق الإنسان ومعاناة المنكوبين وتذرف دموع التماسيح تتحصل على أموال طائلة من جهات مختلفة فتحتكر أغلب هذه الأموال للمتنفذين فيها والعاملين ولا يصل إلى المنكوبين التي تتسول المنظمات باسمهم إلا القليل.
واجب المسلمين في مواجهة المنظمات
إن عمل المنظمات خطير جدا وأهدافها خبيثة وخطرة، وعلى أبناء الأمة الوقوف في وجهها بقوة وذلك:
1- بالوعي على حقيقة هذه المنظمات وأنها معول هدم وعدو ينفذ أجندة الكافر المستعمر ويغرس ثقافته ويشكك في الإسلام وعقيدته وأحكامه.
2- فضح هذه المنظمات وتعريتها وبيان حقيقتها؛ وذلك لا يكون إلا بالتفاف الأمة حول قيادة مخلصة تملك مشروع التغيير.
3- رفض التعامل معها وطرد قيادتها التي أغلبها من الغرب وتحرسها الأنظمة الفاسدة.
4- العمل الجاد مع حزب التحرير لإسقاط جميع الأنظمة في بلاد المسلمين والتي تحكم بالرأسمالية وتحمي المنظمات الخبيثة الماكرة، وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة على أنقاضها فتحكم بالإسلام وترعى المسلمين بأحكامه فيعودوا خير أمة، وتلقي بالأنظمة ومنظماتها الخبيثة في هاوية سحيقة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ شايف الشرادي