عن جرائم إفساد الطفل وسلخه عن هويته في تونس
إن الأم هي حاضنة الأجيال والنواة الأولى لتربية الطفل وغرس المفاهيم الصحيحة فيه وتوجيهه نحو السلوك القويم وفقا لأحكام الإسلام. وفي ظل هذه المنظومة الفاسدة التي تعمل على إفساد الطفل وسلخه عن دينه بترويج أفكار ضالة، أمسى عبء الأم أكثر؛ فهي العين الرقيبة داخل البيت وخارجه، فدور المدرسة لم يعد تربية وتعليماً بل صار إفساداً وتمييعاً، فعلى الأم أن تتابع البرامج التعليمية لأبنائها حتى لا تسرَّب لهم أفكار خاطئة. فسياسة التعليم قائمة على أساس التحقير من شأن الإسلام عن طريق فصل الدين عن الحياة وتشويه كل ما له علاقة بالإسلام وإهمال اللغة العربية التي هي لغة الوحي والقرآن، وتوقير اللغات الأجنبية باعتبارها مقياساً للحداثة والتقدم!
والعجب العجاب اليوم أن يتم إدراج مادة التربية الجنسية تحديدا من السنة التحضيرية (5 سنوات) بداية من شهر كانون الأول/ديسمبر 2019 والبادرة بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان والمعهد العربي لحقوق الإنسان وتحت إشراف وزارة التربية، ولن تكون مادة منفصلة بل ستدرج في مواد العربية والتربية البدنية وعلوم الأرض من خلال فتح نقاشات لإمداد الشباب والمراهقين بالمعلومات الجنسية الصحيحة علميا لتكون القيم الإيجابية واكتساب المهارة، وبالنسبة للسنة التحضيرية ستقدم المادة من خلال دروس مبسطة للحماية من التحرش… هذا ما صرحت به وزارة التربية!! كيف سيكتسب شبابنا هذه المهارة؟! هل حماية الأطفال والشباب من التحرش يكون بتدريس المادة أم يكون بالبحث في مسببات انتشار الفساد من اغتصاب وتحرش وزنا ومخدرات…؟!!!
هل السير في ركب الدول الغربية بتدريس التربية الجنسية سيقضي على التحرش؟!! هل نجح الغرب في ذلك أم أن معدلات الاغتصاب والزنا والتحرش في ارتفاع يوما بعد يوم، وخاصة داخل المؤسسات التربوية الغربية؟ فقد بلغت نسبة التلميذات الحوامل من الزنا في المدارس والجامعات 48% في بعض المدارس الأمريكية.
إن تدريس مادة التربية الجنسية هو قرار أوروبي مشروط على بلادنا، ويدخل ضمن دائرة الإملاءات التي تفرض على الدول التي تتعامل مع الاتحاد الأوروبي، فبعد مسألة المساواة في الميراث والمثلية الجنسية تأتي اليوم التربية الجنسية لتركيز قيم الغرب في حرية الممارسة الجنسية. فتقدَّم لأطفالنا معلومات عن الأعضاء وكيفية الممارسة وسبل الوقاية من الحمل والأمراض المنقولة جنسيا… فهل ستحد المادة من انتشار الزنى والاغتصاب داخل المؤسسات التربوية أم ستزيد الطين بلة؟
لقد أشارت الإحصائيات أنه تم تسجيل أكثر من 69 محضرَ مُواقعةٍ غصباً أو محاولة اغتصاب لفتيات أقل من 18 سنة، وأن هناك 800 حالة اغتصاب سنويا، 65% من الضحايا هم أطفال لم تتجاوز أعمارهم 18 سنة و80% منهم من الإناث، أي بمعدل 3 حالات اغتصاب يوميا. أما عن انتشار المخدرات فحدث ولا حرج؛ حيث تشير الإحصائيات إلى أن نحو 50% من التلاميذ يتعاطون مواد مخدرة في المحيط المدرسي، وتؤكد الإحصائيات ذاتها أن 40% من المستهلكين هم من الإناث. ويشار إلى أن الفئة العمرية الأكثر استهلاكا لهذه المواد هم الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة.
كيف يراد من أطفال تقدم لهم برامج تتحدث عن الخمر والجنس والإجهاض؟!! هكذا تتم السيطرة على عقل الطفل المسلم والعبث بعقيدته لإفساد عقيدته من مرحلة الطفولة، فالغرب غايته أن يكون الطفل المسلم غارقاً في الشهوات ودوامة الانحلال، لا يهتم بالعظائم ويحب الراحة والكسل.
إن خروج المرأة إلى العمل من أجل إعانة زوجها في توفير حياة كريمة كان له أثر عام في انحدار سلوك الأطفال، فالأم تقضي ساعات طويلة في العمل لتعود مساء منهكة غير قادرة على أداء مهامها على أكمل وجه. فالطفل يقضي وقته بين المدرسة أو الحضانة دون أن يجد الإحاطة اللازمة والرعاية الكافية وخاصة أمام انتشار التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل، طفل يمضي ساعات أمام التلفزيون أو الكمبيوتر مما يؤثر على شخصيته ويصيبه بأزمات نفسية، بل يؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه (توحد، لعبة الحوت الأزرق، علاقات شاذة…).
إن الأمة عامة تعيش انحطاطا بغياب الإسلام، وتحكم قوى الغرب التي تعمل على محاربة الإسلام وأحكامه بشتى الوسائل والأساليب. والطفل المسلم تصوب نحوه سهام الغدر من أجل إفساده. إن هذا كله يقتضي من الآباء أن يكونوا عينا مبصرة بتربية الناشئة تربية إسلامية فيكون مفهوم السعادة نيل رضوان الله عز وجل ومقياس الأعمال الحلال والحرام، فأطفال الحاضر هم شباب المستقبل والأمة تنهض بشبابها فهم صانعو التغيير، وعماد الأمة وقائدها للمجد والنصر.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندسة زينب بن رحومة
2019_12_06_Art_Children_Corruption_Crimes_in_Tunisia_AR_OK.pdf