Take a fresh look at your lifestyle.

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية” إعداد الأستاذ محمد أحمد النادي الحلقة السادسة والعشرون

 

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”

إعداد الأستاذ محمد أحمد النادي

الحلقة السادسة والعشرون

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

أيها المسلمون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية، مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، نقول وبالله التوفيق: عنوان حلقتنا لهذا اليوم هو “البكاء من خشية الله”. البكاء من خشيته تعالى وعند ذكره مندوب، ودليل ذلك الكتاب والسنة: أما من الكتاب فقوله تعالى: {أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون}.(النجم60) وقوله تعالى: {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا}. (الإسراء109) وقوله تعالى: {إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا}. (مريم58). وأما من السنة فللأحاديث الآتية: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: “اقرأ علي القرآن”. قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: “إني أحب أن أسمعه من غيري”. فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}. قال: حسبك الآن. فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان”. (متفق عليه).

 

وعن أنس رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط قال: “لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قال فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين”. (متفق عليه).

 

أيها المسلمون:

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله … إلى أن قال: ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه”. (متفق عليه). وعن ابن عمر قال: لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه قيل له في الصلاة فقال: “مروا أبا بكر فليصل بالناس”. قالت عائشة: “إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ غلبه البكاء”. هذه رواية البخاري، وفي رواية مسلم “قالت: فقلت يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق، إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه …” (متفق عليه). وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب رضي الله عنه: “إن الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك {لم يكن الذين كفروا}. قال وسماني؟ قال: نعم فبكى أبي”. (متفق عليه). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم”. (رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح). وعن عبد الله الشخير رضي الله عنه قال: “أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء”. قال النووي: رواه أبو داود والترمذي في الشمائل بإسناد صحيح.

 

أيها المسلمون:

 

وعن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أتي بطعام، وكان صائما فقال: “قتل مصعب بن عمير رضي الله عنه وهو خير مني، كفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، وأراه قال: وقتل حمزة وهو خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، أو قال أعطينا من الدنيا ما أعطينا، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام”. وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: “وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون…”. (رواه أبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح) وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من ذكر الله ففاضت عيناه من خشية الله، حتى يصيب الأرض من دموعه،لم يعذب يوم القيامة”. (رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي) وعن أبي ريحانة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فسمعته يقول: “حرمت النار على عين دمعت من خشية الله، حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله، ونسيت الثالثة، وسمعت بعد أنه قال: حرمت النار على عين غضت عن محارم الله”. (رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي والنسائي واللفظ له).

 

وعن ابن أبي مليكة، قال: جلسنا إلى عبد الله بن عمرو في الحجر، فقال: “ابكوا فإن لم تجدوا بكاء فتباكوا، لو تعلمون العلم لصلى أحدكم حتى ينكسر ظهره، ولبكى حتى ينقطع صوته”. (رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي). وعن علي رضي الله عنه قال: “ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي، ويبكي، حتى أصبح”. (رواه ابن خزيمة في صحيحه). وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته”. (رواه الطبراني في المعجم الأوسط).

 

أيها المسلمون:

 

هكذا يكون البكاء من خشية الله، فهلا التزمنا به كما التزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما التزم الصحابة الكرام رضي الله عنهم ليرضى الله تعالى عنا كما رضي عنهم، وليعزنا كما أعزهم، ولينصرنا كما نصرهم؟ نأمل ونرجو ذلك! وما ذلك على الله بعزيز!

 

إخوتي الكرام:

 

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، على أن نكمل تأملاتنا في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.