أضاع هؤلاء الزعماء ماء وجوههم
الخبر:
أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أنه في حال استمرار أعمال العنف في الشمال الغربي السوري، فإن موجات النازحين السوريين باتجاه الحدود التركية في تزايد مستمر وعلى الدول الأوروبية تحمل مسؤولياتها تجاه ذلك، لأن تركيا غير قادرة على تحمل كل هذه المسؤوليات وحدها. أردوغان في كلمته التي ألقاها في الحفل الذي أقيم مساء أمس في إسطنبول، أعلن هجرة أكثر من ثمانين ألف شخص سوري من مدينة إدلب باتجاه الحدود التركية، وقال: “إذا لم تنته هذه المجازر بحق المدنيين في إدلب فإن العدد في تزايد، في مثل هذه الحالة فإن تركيا لن تتحمل هذا العبء وحدها، يجب على جميع الدول الأوروبية أن تشاركنا التداعيات السلبية لهذه الهجرة، تحديدا اليونان، وإلا فلن يكون لدينا مفر من تكرار المشاهد التي عشناها قبل مذكرة الثامن عشر من آذار”. (الشرق الأوسط – أنقرة، 23 كانون الأول/ ديسمبر 2019م)
التعليق:
بعد كل مشاهد الإجرام والوحشية التي ليس لها مثيل في التاريخ التي عاشتها مدينة إدلب في الأيام الأخيرة، خلال محاولات الهرب للنجاة بالنفس، أمطر نظام بشار الأسد القاتل والقوات الروسية العائلات بالقنابل والصواريخ، وبعد كل هذا يخرج أردوغان ليس لمساعدة هؤلاء المظلومين، ولا حتى لمواساتهم ولو بجملة واحدة، وإنما لكي يعبر عن انزعاجه من نزوحهم باتجاه الحدود التركية، ولكي يوجه رسالة إلى أوروبا “بأن تركيا لا تستطيع تحمل هذا العبء وحدها”! يعني مرة أخرى نراه يتسول على أبواب الأوروبيين ﴿قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾، يساوم على دم السوريين وأرواحهم بدون أي حياء، كما قال رسول الله e: «إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ»!
لو يستمع هؤلاء الزعماء إلى هذه الحادثة عن ابن عباس رضي الله عنهما والتي تلخص معنى الأخوة التي بلغت ذروتها في الإسلام، لعلهم يفهمون أن أفعالهم بعيدة عن الإسلام وعن الأخوة في الإسلام بعد السماء عن الأرض، لعلهم يستحيون من أفعالهم… فبينما كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما معتكفاً في مسجد رسول الله e إذ دخل عليه رجل فسلم عليه ثم جلس، فقال له ابن عباس “يا فلان أراك مكتئبا حزيناً” قال: نعم يا ابن عم رسول الله، لفلان علي حق، لا وحرمة صاحب هذا القبر ما أقدر عليه!! قال ابن عباس: “أفلا أكلمه فيك؟” فقال: إن أحببت. قال: فانتعل ابن عباس رضي الله عنهما ثم خرج من المسجد، فقال له الرجل: أنسيت ما كنت فيه؟ قال: “لا، ولكني سمعت صاحب هذا القبر، والعهد به قريب – ودمعت عيناه – وهو يقول: «مَنْ مَشَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ وَبَلَغَ فِيهَا، كَانَ خَيْراً مِنَ اعْتِكَافِ عَشْرِ سِنِينَ، وَمَنِ اعْتَكَفَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلَاثَةَ خَنَادِقَ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ»”.
إذا كان كذلك، فدعك من مساعدة أردوغان إخوانه المظلومين أو نصرتهم، فإنه لم يتفوه بكلمة واحدة تدين المجازر الإرهابية التي يقوم بها النظام السوري القاتل وروسيا بحق المسلمين في سوريا، ولكنه اكتفى بالقول بأن هذه المجازر تزيد من أعداد النازحين، وهذه الموجات من النازحين ليس بإمكان تركيا تحملها وحدها وعلى أوروبا وتحديدا اليونان مساعدة تركيا في هذا الأمر، بهذا الشكل فإن تركيا لن تفتح الباب لإخوانهم المسلمين السوريين قبل أن تأخذ المال مقابل ذلك من أوروبا، وكأنها ترعاهم وتستقبلهم بأجر، وبهذا يكون قد باع دماء المسلمين مقابل ثلاثة قروش!
الآن انظروا إلى ردة فعل ابن عباس رضي الله عنهما وتعامله مع أخيه المسلم المهموم، وبالمقابل تصرف أردوغان تجاه القضية السورية ودماء المسلمين وسكوته عن مجازر روسيا والأسد وانزعاجه من موجات النازحين باتجاه الحدود مع تركيا وطلبه من أوروبا المساعدة، فهل تجدون في تصرفاته أي مظهر أو أثر للأخوة التي رسخها الإسلام بين المسلمين؟
لهذا سارعوا أيها المسلمون لنصرة إخوانكم في سوريا وفي جميع البلاد الإسلامية المضطهدة، وذلك بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة والتي فيها خلاص الأمة وعزتها، ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رمضان أبو فرقان