مع الحديث الشريف
ما ضرب رسول الله بيده خادما
حياكم الله مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير، يتجدد اللقاء معكم وبرنامجنا مع الحديث الشريف، وخير ما نبدأ به حلقتنا تحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري باب الأدب
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: “مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ خَادِمًا لَهُ قَطُّ وَلَا امْرَأَةً وَلَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا كَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ أَيْسَرُهُمَا حَتَّى يَكُونَ إِثْمًا فَإِذَا كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ الْإِثْمِ وَلَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَكُونَ هُوَ يَنْتَقِمُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ”.
(مَا خُيِّرَ) قَالَ الْحَافِظُ: وَأَيُّهُمْ فَاعِلُ خُيِّرَ لِيَكُونَ أَعَمَّ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمَخْلُوقِينَ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُخَيِّرَ لَهُ هُوَ اللَّهُ فِيمَا كَلَّفَ أُمَّتَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ أَوِ النَّاسَ.
(مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا) اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا.
بَيْنَ أَمْرَيْنِ (قَطُّ) قَالَ الْحَافِظُ: أَيْ: مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا لِأَنَّ أُمُورَ الدِّينِ لَا إِثْمَ فِيهَا
(إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا) أَيْ: أَسْهَلَهُمَا
(مَا لَمْ يَكُنِ) الْأَيْسَرُ
(إِثْمًا) أَيْ: مُفْضِيًا لِلْإِثْمِ
(فَإِنْ كَانَ) الْأَيْسَرُ (إثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ) وَيُخْتَارُ الْأَشَدُّ حِينَئِذٍ
وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَنَسٍ: “إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ فِيهِ سُخْط، وَوُقُوعُ التَّخْيِيرِ بَيْنَ مَا فِيهِ إِثْمٌ وَمَا لَا إِثْمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ الْمَخْلُوقِينَ وَاضِحٌ.
(إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ) أَيْ: لَكِنْ إِذَا انْتُهِكَتْ (حُرْمَةُ اللَّهِ) عَزَّ وَجَلَّ (فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ) لَا لِنَفْسِهِ مِمَّنِ ارْتَكَبَ تِلْكَ الْحُرْمَةَ (بِهَا) أَيْ: بِسَبَبِهَا.
وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ: “فَإِذَا انْتُهِكَتْ حُرْمَةُ اللَّهِ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ غَضَبًا لِلَّهِ” .
مستمعينا الكرام:
إن في هذا الحديث، الْحَثُّ عَلَى تَرْكِ الْأَخْذِ بِالشَّيْءِ الْعَسِيرِ وَالِاقْتِنَاعِ بِالْيَسِيرِ وَتَرْكِ الْإِلْحَاحِ فِيمَا لَا يُضْطَرُّ إِلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ نَدْبُ الْأَخْذِ بِالرُّخَصِ مَا لَمْ يَظْهَرِ الْخَطَأُ، وَالْحَثُّ عَلَى الْعَفْوِ إِلَّا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.
واليوم نحن نشاهد ونقرأ تلك القنوات المأجورة، والأقلام المسمومة، التي تحارب الله وشرعه، والتي فقط نراها على إعلامنا الضال المضلل، بل وتفتح الأبواب لها، للترويج لها ولنشرها بين الناس.
لمصلحة من تبقى هذه الأقلام تنفث سمومها؟!!
فلكل هذه المقالات والمقابلات يجب أن تكون غضبتنا، ففيها انتهاك وأي انتهاك لشرع الله وحرمته، فمن يظن أن الخلافة خرافة، ومن يقول بأن الإسلام دين رُجعي وضع لفترة معينة، ومن ينادي بسقوط الإسلام السياسي واعتبروا من ينادي له مستمرئا للعبودية… فلكل هؤلاء نقول كفى، يكفيكم تشويها وتعريضا بالإسلام وأهله، فلم ولن نجد غير شرعة الله نظاما كاملا متكاملا يعالج مشاكل الناس علاجا سليما صحيحا.
“أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ”
مستمعينا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم ومع حديث نبوي آخر، نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبته للإذاعة: عفراء تراب