Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – العلم والعلماء له رجال

 
 

مع الحديث الشريف

العلم والعلماء له رجال

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏”‏من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا، لم يجد عَرف الجنة يوم القيامة‏”‏ يعني ريحها‏،‏ رواه أبو داود بإسناد صحيح‏.‏

إن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام محمد بن عبد الله أما بعد:

 

إن هذا الحديث الشريف يحدثنا عمن يتعلمون العلم من أجل منفعة دنيوية يصيبونها، وبما سيحصدونه في الآخرة، فها نحن الآن نسمع ونرى علماء سمّوا أنفسهم بهذا الاسم زورًا وبهتانًا، حصّلوا العلم من أجل منفعة ذاتية زائلة.

 

إن العلم يُتعلم لأمرين اثنين؛ إما للمعرفة والإجابة عن التساؤلات التي تدور في الذهن، وإما من أجل مكسب مادي يعود للمتعلم. أما الأمر الأول فإما أن يكون دافعه شخصيّاً لإشباع الفضول والتلذذ، وإما أن يكون دافعه اتباع أمر الله تعالى لنيل الدرجة العالية وخشية الله والبعد عن الحرام والاهتداء إلى الصواب للفوز في الآخرة. أما من يتعلم من أجل مكسب دنيوي مادي فدافعه لا يعدو أن يكون الوصول إلى المكسب المادي.

 

أما من تعلم العلم من أجل إرضاء الله تعالى فهو من العلماء الحقيقيين الذين تعلموا العلم فانتفعوا به ونفعوا به غيرهم، وقد أثنى الله عليهم ومدحهم ووعدهم خير الجزاء، وبفضل هؤلاء أصبحنا نعلم الكثير من أمور ديننا فلا نقع في الأخطاء التي وقع فيها غير المرشَدين، ونعلم ما يساعدنا للقيام بالأمانة التي قبلناها لأنفسنا بأن نكون خلفاء هذه الأرض معمرين لها.

 

أما من تعلم العلم الأخروي من أجل منافع مادية، فهؤلاء من شر الناس على البشرية بسبب غايتهم وطريقة تفكيرهم التي حملتهم على التعلم، هؤلاء ممن أوجدوا الشقاء والعسر في حياة الناس بسبب نظرتهم المادية الضيقة، فهولاء اتخذوا الشرع تجارة يتاجرون بها، ومنهم علماء السلاطين الذين تاجروا بالدين خدمة للحكام الفسقة الظلمة الفجرة، وأوضح ما نلمسه نتيجة لهذا هو تطبيق شرع غير شرع ربنا، حيث أجاز ذلك هؤلاء العلماء مقابل المال، فما كان منهم سوى إفساد حياة الأمم، وخاصة الأمة الإسلامية، التي أفسدوا عليها دينها الذي ارتضاه الله لها، ووقفوا أمام تحقيق غاية الخلق من الإصلاح والتعمير في الأرض، هؤلاء هم الحجارة في طريق الرفعة، وعثرات نأمل من الله أن يوجد عند الأمة الوعي لإزالتها.

 

الله نسأل أن يعود العلم والعلماء خالصًا له، وأن يجنبنا أمثال هؤلاء الضالين الجهلة بما تعلموه، وأن يزيد وعي أمتنا على أمثال هؤلاء ويضعهم في مكانهم الذي يستحقونه هم وأسيادهم، وليس هذا ببعيد عن هذه الأمة الكريمة الوارثة لهذه الأرض.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

كتبة للإذاعة: د. ماهر صالح