Take a fresh look at your lifestyle.

بعيونهم وبعيوننا…

 

بعيونهم وبعيوننا…

 

 

 

الخبر:

 

تقرير نشرته بي بي سي بعنوان “السودان بعد البشير: ما الذي تغير فيه بعد الثورة؟”.

 

التعليق:

 

هذه إحدى عيون الغرب التي تتابع الثورات في بلادنا، وهي ترانا من منظور ثقافتها ومفاهيمها عن الحياة، وتظهر بوضوح الفرق الشاسع بين ثقافتنا وثقافتهم، ومن ثم بين غاياتنا من الحياة وغاياتهم.

 

فهذا المراسل قد لاحظ ما يبحث عنه وأغمض عينيه عما لا يرغب في رؤيته أو في إظهاره للعالم. فرأى الناس رجالا ونساء يجلسون في المقاهي يشربون الشاي وما هو أثقل من الشاي كما زعم، والنساء حصلن على حرية الخروج للحياة العامة بلا لباس شرعي، وصار يمكن للإنسان أن يشتم ويهين من يشاء. رأى المجتمعين يقدمون مطالبهم للمسؤولين والذي يحتجون في الشوارع دون أن تقمعهم قوات الأمن. رأى النساء اللاتي تزعّمن المشهد في الثورات قد وصلن إلى مرادهن من سفور وتمرد على الدين والمجتمع. رأى تلميذات المدارس يحتفلن بالثورة عبر الأغاني والتمثيل… لكنه لم ير الشريفات العفيفات اللاتي يمثلن غالبية السودانيات متمسكات بسترهن وعفافهن، حريصات على طاعة ربهن والتزام أحكام دينهن.

 

لم ير الحكام الجدد وهم يهتمون بتلميع صورهم في الخارج ولا يهتمون بمعالجة المشاكل التي تسببت بالثورة، ولم ير القتال الذي تجدد وأودى بحياة العشرات في دارفور.

 

نعم هو يعلم أن الناس قاموا بالثورة بسبب البطالة والفقر والشعور بالظلم، وكان مطلبهم للقضاء على هذا الوضع البائس هو تغيير النظام. وأن هذا المطلب لم يتحقق، رغم أنه اعتبر هذه المرحلة انتقالية، وأن حصول الناس على الحرية الشخصية وحرية التعبير سيكون الطريق لتحقيق مطالب الثورة التي هي التخلص من حكم العسكر والنظام الدكتاتوري كما ادعى. فهل حقا أن الناس يريدون التخلص من الدكتاتورية وحكم العسكر وتستبدل به نظاما مدنيا يطبق الأحكام الوضعية كما كان النظام السابق وتدع أحكام ربها الحكيم الخبير؟!

 

إننا بعيون إسلامية تنظر من منظور الإسلام نرى غير ما تراه عيون الغرب؛ إننا نرى أن النظام لم يتغير رغم تغير الأشخاص، وأن ما رآه ذلك الصحفي إنما هي صورة مشوهة عن الواقع السوداني…

 

فالناس في السودان مسلمون وهم يعلمون أن واقعهم المزري سببه النظام العلماني الظالم الذي لم يتغير رغم تغير أشخاص الحكام، وأنه ما لم يتغير تغيرا انقلابيا شاملا من النظام العلماني إلى نظام الإسلام – الخلافة – فلن تتحقق أهداف الثورة وستبقى ثرواتهم منهوبة وهم يعانون الفقر والبطالة ويرزحون تحت الظلم والطغيان.

 

نرى أن المرأة المسلمة في السودان لم تسْعَ إلى التمرد على الدين والأعراف، بل هناك ثلة متغربة يدعمها الغرب وأعوانه اغتصبت تمثيل المرأة السودانية دون إذن منها، وسلط الإعلام الغربي والإعلام المأجور الضوء عليها ليرسل للعالم رسالة مزورة باسم المرأة السودانية القانتة التي تسلم أمرها لله رب العالمين وادعى أن المرأة السودانية تريد السفور والانحلال، والواقع أن المرأة في السودان كما هي في باقي بلاد المسلمين لا ترضى لأحكام ربها بديلا ولو كره الكافرون والمتغربون.

 

نعم نرى أن هذه الثورة هي مؤشر خير يدل على وعي الأمة الإسلامية ورغبتها في استعادة سيادتها وسلطانها من الرويبضات الذين اغتصبوه منذ ردح من الزمان. ولولا تدخل الغرب وتضليله للثوار وخطف ثورتهم لكانت الأمة في وضع غير الذي هي عليه الآن. لقد أظهرت الثورة أن الأمة لا زالت بحاجة إلى مزيد من الاستنارة في التفكير ووضوح الرؤية لتحقيق أهدافها السامية.

 

وإنه ما دام حزب التحرير في الساحة يقوم على فكر المجتمع وحسه فإن الأمل بتحقيق أهداف الثورات سيتحقق بإذن الله ولو بعد حين رغم تضليل المضللين وحقد الكافرين والمضبوعين.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أسماء الجعبة

2020_01_02_TLK_3_OK.pdf