مع الحديث الشريف
حسن الظن بالله
حياكم الله أحبتنا الكرام، يتجدد اللقاء معكم وبرنامجنا مع الحديث الشريف، وخير ما نبدأ به حلقتنا تحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في صحيح البخاري في باب عيادة المرضى
حدثنا معلى بن أسد حدثنا عبد العزيز بن مختار حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده فقال له لا بأس طهور إن شاء الله قال قلت طهور كلا بل هي حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تزيره القبور فقال النبي صلى الله عليه وسلم فنعم إذا.
قوله: (لا بأس) أي أن المرض يكفر الخطايا، فإن حصلت العافية فقد حصلت الفائدتان، وإلا حصل ربح التكفير. أي هو طهور لك من ذنوبك أي مطهرة.
قوله: (بل هي) أي الحمى.
قوله: (تفور أو تثور) شك من الراوي هل قالها بالفاء أو بالمثلثة.
قوله: (تزيره) بضم أوله من أزاره إذا حمله على الزيارة بغير اختياره.
قوله: (فنعم إذا) الفاء فيه معقبة لمحذوف تقديره إذا أبيت فنعم، أي كان كما ظننت، قال ابن التين: يحتمل أن يكون ذلك دعاء عليه ويحتمل أن يكون خبرا عما يؤول إليه أمره.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يزور هذا الأعرابي المريض ويقول له ما يصبره على مرضه بتذكيره أن المرض يكفر الخطايا، فإن عوفيت فقد فزت بالعافية وتكفير الذنوب، وإن كانت الأخرى فزت بتكفير الذنوب، ويدعو له النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله هذا المرض سبباً في تطهيره من الذنوب، ومعافاته من مرضه، فاستنكر الأعرابي المريض هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم، واستخف به فقال: كلا، بل هي حمى تفور…. بدل أن يفوز بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم له، وكان بإمكانه أن يطمئن نفسه بأن مرضه إلى زوال، ولكنه نظر لمرضه من هذا الجانب المظلم، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه قال له «فنعم إذاً» فهذا الأعرابي لو ظن بربه خيراً لوجد، ولكنه ظن بربه السوء فجوزي به، وفي بعض روايات الحديث أن هذا الأعرابي أصبح ميتاً.
أحبتنا الكرام
إن على المسلم أن يحسن الظن بالله دائما وأبدا، وأن يكون على يقين أن ما أصابه خيرا له، ولكن يجب أن يرافق الظن بالله حسن العمل، فالله سبحانه وتعالى قال: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}
نَحنَ الذينَ نسعد أنفسنا بعد الالتجاء لله, ونَحنَ الذينَ نتعُسها بسّوء الظنَ بالله.. فاختر الطريقُ الذي تريد “إما شاكراً وإما كَفوراَ”
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم ومع حديث نبوي آخر، نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبته للإذاعة
عفراء تراب