مع الحديث الشريف
لا تغضب
حياكم الله أحبتنا الكرام، يتجدد اللقاء معكم وبرنامجنا مع الحديث الشريف، وخير ما نبدأ به حلقتنا تحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار – حديث جاء رجل فقال يا رسول الله أوصني فقال لا تغضب
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله، أوصني. فقال: لا تغضب. ثم ردد مرارا فقال: لا تغضب. رواه البخاري.
الغَضَب (لغة): ضدُّ الرِّضَا. والغَضْبة: الصَّخرة الصلبة، قالوا: ومنه اشتُقَّ الغَضَب؛ لأنَّه اشتدادُ السُّخط.
الغَضَبُ (اصطلاحا): هو ثورَانُ دم القلب لقصد الانتقام.
وقال الجرجاني: “الغَضَبُ: تغير يحصل عند غليان دم القلب، ليحصل عنه التشفي للصَّدر
وقيل: “هو غليانُ دم القلب، طلباً لدفع المؤذي عند خشية وقوعه، أو طلباً للانتقام ممن حصل له منه الأذى بعد وقوعه”
أحبتنا الكرام:
في الحديث الشريف، جاء هذا الرجل طالبا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصيه بكلام كلي، وعند جواب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بأن لا يغضب ظن أنها وصية بأمر جزئي، ولهذا ردد طلبه. فلما أعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، عرف أن هذا كلام جامع، وهو كذلك؛ فإن قوله: لا تغضب يتضمن أمرين عظيمين:
أحدهما: الأمر بفعل الأسباب، والتمرن على حسن الخلق، والحلم والصبر، وتوطين النفس على ما يصيب الإنسان من الخَلق، من الأذى القولي والفعلي.
الثاني: أن لا ينفذ غضبه: فإن الغضب غالبا لا يتمكن الإنسان من دفعه ورده، ولكنه يتمكن من عدم تنفيذه. فعليه إذا غضب أن يمنع نفسه من الأقوال والأفعال المحرمة التي يقتضيها الغضب.
فمتى منع نفسه من فعل آثار الغضب الضارة، فكأنه في الحقيقة لم يغضب.كما قال صلى الله عليه وسلم: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.
والغضب نوعان، نوع مذموم والآخر محمود، أما الغضب المحمود فهو غضب لله ولحرماته، بسبب اعتداء على حرمة من حرمات الله، أو قتل نفس مسلمة، أو أخذ مال بغير حق، وغيرها من المحرمات والمحظورات التي نُهِيَ عنها في دين الله.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله عز وجل” رواه مسلم.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم ومع حديث نبوي آخر، نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبته للإذاعة
عفراء تراب