في الديمقراطيات المفروضة؛ السيادة تأتي من السفارات، وليس من الشعب!
(مترجم)
الخبر:
أعلن سفير الولايات المتحدة في أفغانستان، جون ر. باس، أن “الفائز في الانتخابات الرئاسية الأفغانية سيحظى بالتأكيد بدعم عدد قليل من الشعب الأفغاني؛ وبالتالي، فإن الأفغان بحاجة إلى التفكير في إنشاء حكومة أكثر شمولية”. وأشار إلى انخفاض نسبة إقبال الناخبين في الانتخابات الرئاسية الأفغانية، كما ذكر أن “الرئيس الأفغاني القادم يجب أن يستمع إلى مطالب ومخاوف واعتراضات جزء كبير من المجتمع”. (شبكة تلفزيون تولونيوز).
التعليق:
من أجل تضليل الشعب الأمريكي والشعب الأفغاني، حاولت الولايات المتحدة دائماً استغلال الرأي العام بذريعة نشر الديمقراطية في أفغانستان. قدمت الانتخابات الرئاسية الأفغانية الأخيرة الأمثلة الأكثر بروزاً لمثل هذا الخداع والتزوير والفرض. لأنه في هذا الوقت، فإن الهدف الرئيسي للولايات المتحدة هو تسوية لاتفاق السلام مع طالبان، حيث تعمل الانتخابات الرئاسية الأفغانية باعتبارها الوسيلة الوحيدة للضغط على طالبان وإبقاء الرأي العام مشغولاً بأمور تافهة.
عندما تكون البلاد محتلة تدوم فيها حرب كارثية باستمرار، لذلك الانتخابات لا تعني شيئاً سوى أنها خدعة، وفكرة أن “أصوات الناس ستحدد مستقبلهم” هي مجرد خرافة ديمقراطية.
في عدة جولات انتخابية سابقة، كانت السفارة الأمريكية في كابول تتخذ القرارات الرئيسية بشأن الانتخابات الأفغانية وهذا تماماً ما سيكون عليه الحال بالنسبة لهذه الجولة أيضاً. من بين أكثر من 30 مليون شخص في أفغانستان، لم يسجل سوى 9 ملايين شخص للتصويت، لكن 1.9 مليون فقط صوتوا في الانتخابات. ومع ذلك، بعد ثلاثة أشهر من المداخلات، والتعليمات المباشرة وغير المباشرة من السفارة الأمريكية، وخاصة السفير جون باس، أصدرت لجنة الانتخابات الأفغانية في نهاية المطاف النتائج الأولية للانتخابات حيث حصل أشرف غاني على 923.868 صوت (50.64٪) كأول مرشّح والدكتور عبد الله عبد الله أحرز 720.990 صوتاً (39.52٪) كمرشح ثانٍ.
بعد نشر النتائج الأولية، غرّد جون باس على صفحته: “من المهم لجميع الأفغان أن يتذكروا أن هذه النتائج أولية، ولا يزال هناك العديد من الخطوات قبل اعتماد نتائج الانتخابات النهائية لضمان ثقة الشعب الأفغاني في النتائج”. على كل حال أكثر بني البشر وقاحةً على وجه الأرض، حكام أفغانستان والمجتمع الدولي، رحبوا بالنتيجة باعتبارها إنجازاً. بينما لم يشارك عدد كبير من الأفغان في الانتخابات الرئاسية الديمقراطية مما أدى إلى ظهور هذه العملية الغربية بأنها تعاني من أزمة في شرعية الديمقراطية.
الآن يحاول السفير الأمريكي التباهي بالديمقراطية الفاشلة في أفغانستان لإنقاذها من فضائح أخرى من خلال الحديث عن حكومة شاملة في أفغانستان. بينما في انتخابات عام 2014، أنشأت الولايات المتحدة نفسها حكومة الوحدة الوطنية الحالية بشعارات حكومة الوحدة الوطنية في أعقاب الانتخابات التي لم تنتج في أفغانستان إلاّ الانقسامات في جميع أنحاء البلاد والتي كثّفت الصراع العرقي والقبلي، وأيضاً جعلت أفغانستان واحدة من أكثر الدول دموية في التاريخ. وبالتالي، فإن الحكومة التي يتحدث عنها السفير الأمريكي لن تجلب سوى الكوارث على أفغانستان.
في الواقع، فإن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية الأفغانية تعتمد بشكل مباشرعلى سير نتائج محادثات السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان. لذا، إذا حققت محادثات السلام النتائج التي تتوافق مع أهداف الولايات المتحدة، فسيتم تجاهل العملية الانتخابية برمتها حتما؛ وإذا لم يكن الأمر كذلك، سيتم تشكيل الحكومة المقبلة على أساس هذه العملية الانتخابية المخزية وغير الشرعية.
نتيجة لذلك، السفير الأمريكي الذي يتحدث عن حكومة وطنية شاملة لا يقصد إشراك الممثلين الحقيقيين للشعب في السلطة حتى يتمكنوا من معالجة مشاكل الناس. في الواقع، فإن الهدف من وراء ما يسمى الحكومة الشاملة هو إشراك القادة العملاء للولايات المتحدة من مختلف المجموعات العرقية في أفغانستان في السلطة حتى يتمكنوا من تأمين مصالح الولايات المتحدة وأهدافها في أفغانستان. لهذا فمن الأفضل تسمية مثل هذه الحكومة باسم “حكومة الديمقراطيين عملاء الولايات المتحدة” وليس “الحكومة الشاملة”.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سيف الله مستنير
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية أفغانستان