فتح القسطنطينية، درس في الإصرار والثبات
الخبر:
فتحت مدينة هرقل على يدي السلطان العثماني محمد الفاتح وجيشه في عام 857 للهجرة في العشرين من مثل هذا الشهر، جمادى الأولى، وتصادف ذكرى هذا الفتح العظيم يوم الأربعاء القادم الموافق 2020/01/15م.
التعليق:
أكثر من ثمانية قرون مرت على الأمة الإسلامية ودولتها التي أقامها خير الورى، وعلى بشارته بفتح القسطنطينية، ومدينة هرقل عصية على الفتح رغم المحاولات الجادة والجهود الجبارة التي بذلها المسلمون في طلب ذلك الفتح، ومضت السنون وعلى الرغم من الدوائر والمصائب، وفساد ذات البين الذي حل بالأمة عبر تلك القرون، إلا أن الله سبحانه وتعالى قد حباها بطائفة من عباده لم تزل قائمة بأمر الله عز وجل بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك مصداقاً لقول الرسول e «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ» أخرجه أحمد، حتى أنعم الله تعالى عليهم وأعزهم وأصلح ذات بينهم وهيأ لهم دولة سادت العالم لقرون طويلة وجابت أصقاعه حاملة دعوة الحق لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وشاء المولى عز وجل أن يكون تحقيق بشارة رسوله e وتزكيته من نصيب السلطان محمد الفاتح وجيشه المهيب، بعد أن بذلوا الغالي والنفيس وأحكموا التخطيط وصدقوا الله ونصروه، ففازوا بشرف عظيم وذكرٍ محمودٍ باق ما بقيت كلمات الرسول e يتذكرها المسلمون ويرددونها جيلا بعد جيل: «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ».
إن فتح القسطنطينية فيه من القصص والدروس والعبر ما يملأ كتباً ومجلدات، إلا أن الإصرار والثبات كانا من أبرز الصفات التي تحلى بها الفاتح وجيشه، فقد كان منذ صغره وهو يحلم بتحقق بشارة الرسول e على يديه، فعمل على تحقيق ذلك الهدف بإصرار قل نظيره، حتى قيل إنه لم يكن يجالس أحدا لا يكلمه في أمر الفتح. أما ثباته وجيشه الباسل في حصار المدينة لشهرين بعد أن أمضى أكثر من عام في بناء القلاع حولها وصناعة المدافع لدك حصونها، فهو أيضأ مثال يحتذى في كل ذي أمر عظيم. فالفاتح رحمه الله لم يبق على حيلة أو وسيلة مشروعة تعينه على أمره إلا جربها واستخدمها، هذا ناهيك عما كان عليه هو وجيشه من ثقة بوعد الله ونصره.
نسأل الله جل وعلا ونتضرع إليه أن يثبتنا على طريق الحق وأن يشد أزرنا ويزيدنا عزيمة وإصرارا وأن يمن علينا كما منّ على محمد الفاتح وجيشه، وأن يمكن لنا فتتحقق بشرى رسوله الكريم e بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة وهزيمة يهود وفتح روما التي بشرنا نبينا بفتحها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
وليد بليبل
#فتح_القسطنطينية
#القسطنطينية