Take a fresh look at your lifestyle.

الموتى قطع غيار للأحياء!

 

الموتى قطع غيار للأحياء!

 

 

 

الخبر:

 

سيتم التصويت بعد أيام في البرلمان الاتحادي الألماني على مشورع قانون يجعل من الأموات – سريريا – متبرعين بالأعضاء تلقائيا في حال إن الميت لم يوصِ خطيا بأنه لا يريد التبرع بأعضائه بعد موته. [n-tv]

 

التعليق:

 

لا شك أن حياة الإنسان غالية في كل التشريعات، وقد جعلها الإسلام في مقدمة المحرمات، وجعل الحفاظ على النفس البشرية مطلبا شرعيا سن لأجله الكثير من القوانين والتشريعات منها فرض الحفاظ على كرامة الإنسان حيا وميتا.

 

وقد ورد في جواب سؤال لأمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة تبيان شرعي لحكم التبرع بالأعضاء يمكن لمن أحب الرجوع إليه في الرابط [جواب سؤال].

 

ولكن المسألة بالنسبة للرأسمالية تختلف نتيجة لاختلاف وجهة النظر في الحياة؛ حيث إنهم يجعلون النفعية المادية هي أساس البحث ومصدر التشريع. فينظرون إلى المكاسب المحققة من تقطيع الجسد الميت، ويرون أن دفنه بما فيه من أعضاء خسارة مادية لا تعوض، وأنه يشكل ثروة مهمة نظرا للحاجة الملحة والندرة في الحصول على أعضاء تُنقل لمرضى يستفيدون منها مثل القلب أو الكبد أو الجلد والشعر والعيون وخلايا جذعية وحتى الأعضاء التناسلية!

 

ينقسم المشرعون في البرلمان الألماني حاليا إلى قسمين، يتفقان على ضرورة استحداث قانون يساعد على زيادة عدد المتبرعين بالأعضاء بعد الموت وضرورة استخدام أعضاء الموتى في مداواة المرضى الأحياء وعدم إهدار هذه الثروة. إلا أنهما يختلفان في القانون الذي سيدفعون الناس من خلاله للتبرع بالأعضاء، ففريق يقول بأن كلَّ ميت يعتبر تلقائيا متبرعا بالأعضاء إلا إذا حمل هوية خاصة تؤكد أنه لا يرغب بالتبرع، والفريق الثاني يرى أن كل إنسان يجب أن يُثقف ويُعالج بالتوعية ليدرج نفسه طواعية في قائمة المتبرعين وأن يتولى المهمة مؤسسات وأطباء وجمعيات تحث على التبرع وتكرم المتبرعين.

 

لا ننكر أن هناك من الفقهاء من أجاز التبرع من الناحية الشرعية، ولكن المخل في الاجتهاد هو اتخاذ الضرورة أو الحاجة قاعدة في الاستنباط ومصدرا للحكم، ولست هنا بصدد نقاش الاختلاف في الآراء إلا أنه لا بد من لفت النظر إلى مسألتين متعلقتين بالموضوع في غاية الأهمية:

 

الأولى: إيماننا بقَدَرِ اللهِ وحكمته في كل ما منح ومنع، وسواء في الصحة أو المرض، وسواء في السراء أو الضراء، وهذا متمثل بتصديق قوله عليه الصلاة والسلام «عَجِبْتُ لأمرِ المؤمنِ، إنَّ أمرَهُ كُلَّهُ خيرٌ، إن أصابَهُ ما يحبُّ حمدَ اللَّهَ وَكانَ لَهُ خيرٌ، وإن أصابَهُ ما يَكْرَهُ فصبرَ كانَ لَهُ خيرٌ، وليسَ كلُّ أحدٍ أمرُهُ كلُّهُ خيرٌ إلَّا المؤمنُ».

 

والثانية: إيماننا بالبعث بعد الموت والحساب، وأن الدنيا دار ابتلاء فانية وأن الدار الآخرة هي الحياة الأبدية، وقد جعل الله الأجر الأكبر لمن صبر واحتسب، فقد قال جل وعلا: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.

 

وهاتان الخصلتان لا تكونان إلا لمن آمن بالله واليوم الآخر وصدق بما جاء به النبي الأمي محمد عليه الصلاة والسلام، ولذلك لا نجدهما في اعتبارات الرأسمالية، بل على العكس من ذلك، فهم يسخرون ممن يلتزم هذا الفكر، ويعتبرونه منسوخا بعلومهم وتقدمهم المادي! ﴿أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. يوسف سلامة – ألمانيا

2020_01_16_TLK_4_OK.pdf