تتابع مؤامرات أمريكا وأذنابها في بلاد المسلمين
كثيرة هي المؤامرات التي تحوكها أمريكا عدوة الإسلام والمسلمين عبر أذنابها في بلاد المسلمين، فكلما قطعت الأمة الإسلامية شوطا في كشف وفضح مؤامرة من مؤامراتها الخبيثة تبعتها مؤامرة جديدة، فالمحصلة مؤامرة تلو مؤامرة وكشف لها تلو كشف طالما أن هناك عباداً صالحين واعين يسهرون على توعية الأمة، لذلك كانت الثقافة الإسلامية والسياسية والوعي عليهما والعمل على نشرهما يُعَدّ حجر زاوية ورقما صعبا في عودة الغرب إلى حظيرته ونقل حضارة الإسلام إليه بالدعوة والجهاد، ففي مطلع سؤال أحد الأشخاص من سطحيي التفكير ومحدودي الفكر عن العلاقة بين أمريكا وإيران والعراق أجاب: لا ضير كونها قائمة على المصالح والمنافع… فأي فهم هذا؟ وأي طريقة تفكير يملكها هذا؟ ألا يدرك هذا ومن دار في فلكه أن الذي يجب أن يحكمنا هو الإسلام وليس حكم المنفعة والمصلحة؟ ألا يعلم أنه لا كبيرة ولا صغيرة إلا بيّنها الإسلام؟ فلا محل للعقل في إعطاء الحكم بل محله فهم الواقع وإدراجه وإعادته إلى مسألته في الشرع لتكون الإجابة من الله في وحيه قرآنا أو سنة. قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
إن اللغة التي تفهمها أمة محمد هي لغة الشرع ولا لغة غيرها، فمنذ أن تولى رسول الله e الحكم في المدينة بل من قبل ذلك عندما كان في مكة كان المسيّر له الشرع، فهو البوصلة التي توجهه وترشده إلى خير الاتباع والسير في الدنيا ومن ثم إلى رضا الله والفوز بجنانه، وهل تحالَف أو تعاون رسول الله e مع الكفار في أي حرب؟ لقد رد رسول الله e كفاراً كانوا ينوون القتال معه بصفتهم جهة وراية فأبى كل الإباء أن يأتوا براياتهم إلا بعد أن انضموا لراية الإسلام، فكيف بهذه الدول من إيران ومصر والسعودية وقطر وتركيا وغيرها تقبل بأن تكون في خندق واحد مع أمريكا؟ كيف تكون مع قاتلة المسلمين؟! فها هي أمريكا اليوم قتلت نائب قائد الحشد الشعبي في العراق وقائد فيلق القدس قاسم سليماني وهي الحليفة لإيران والعراق، فكما فعلت بجماعة القاعدة حيث قدمت لها المساعدة في التخلص من الاتحاد السوفيتي عدو الأفغان ها هي تفعل اليوم بحلفائها، فما بني على باطل فهو باطل؛ فإيران هي من ساعدت في إدخال الأمريكان للعراق وأفغانستان وتدمير سوريا وقتل المسلمين في تلك البلاد، وأمرت المراجع الدينية في العراق باستصدار فتاوى تمنع بل تحرم قتال الأمريكان، وجعلت شعب العراق يستقبلهم بالورود ابتغاء التخلص من نظام البعث العراقي التابع للإنجليز ليحل محله عملاء أمريكا.
لقد هدفت أمريكا من مقتل سليماني وأبي مهدي المهندس أهدافاً عدة منها:
1- محاولة إخماد الثورات في لبنان والعراق وحتى إيران ذاتها وإلهاء الرأي العام بالصراع الأمريكي الإيراني.
2- تحويل الصراع من صراع داخلي إلى صراع خارجي والاستفادة من هذه الضربة بالتفاف هذه الشعوب حول قياداتها لمواجهة العدو الأمريكي.
3- عقد اتفاق نووي جديد بشروط جديدة، ورغم هذا وذاك لم يكن الرد بالمستوى الذي تهدد فيه إيران دوما أمريكا، فقد كان رداً مخزياً لذر الرماد في العيون، وقد تمت الضربة وكانت هذه المواقع خالية من العسكريين، وقد اكتفى وزير الخارجية ظريف بالتعليق بشكل مهين يثبت خوار حكام إيران حيث قال بأن إيران ردت الرد المناسب وأن أي تصعيد سيواجه برد أقوى وقاس وهناك بضعة وخمسون هدفاً ستُضرب في حالة التصعيد! وهل هناك تصعيد أكبر من مقتل قائد عسكري رفيع؟! ألا يعد ذلك تصعيدا؟ فأين الحرس الثوري؟ وأين القوة النووية والصواريخ البالستية التي تملكها وتهدد جيرانها بها؟ وأين المليشيات في العراق واليمن ولبنان وغيرها؟! فإن لم تستخدم هذه القوى اليوم فمتى تستخدم؟! لو كانوا رجالاً أو بهم تقوى ومخافة الله لعملوا على وحدة بلاد المسلمين ولحكموا بما أنزل الله وأعلنوا النفير العام والجهاد، ولكن هذا الشرف لا يعطيه الله عز وجل لهؤلاء أتباع الغرب.
4- تدرك أمريكا أن بريطانيا تدفع اليهود لضرب إيران فهي قتلت سليماني لتوقف اليهود ومن ورائهم بريطانيا عن ضرب إيران.
ولننتقل إلى جانب آخر من الحكام الذين يأتمرون بأوامر أمريكا، تركيا التي تحتفظ بقواعد أمريكية داخل أراضيها وعلاقاتها المتميزة مع كيان يهود وحكمها بالنظام العلماني واقتصادها القائم على الربا والمعاملات المحرمة، ها هي اليوم تنخر في الملف الليبي كما نخرت بالأمس في الملف السوري، حيث الصراع الأنجلو أمريكي المحموم. فمصر وحفتر في محور خدمة أمريكا والسراج في خدمة محور الإنجليز، وما سعي أردوغان تركيا في ليبيا إلا لخدمة أمريكا وإن تظاهر بخدمة السراج، فهو يفعل فعلته نفسها في سوريا، فهو يشكل أحد الأقطاب الأساسية في القضاء على الثورة في سوريا وذلك من خلال إغداق المال القذر على الفصائل ليحقق هدفه من تثبيت النظام السوري والمحافظة عليه وكذلك عقد الهدن والاتفاقيات وسحب السلاح وفرض مناطق تخفيض التصعيد وسحب فصائل الثورة من أماكن النزاع مع النظام السوري إلى مناطق الأكراد بهدف إعادتها للنظام. واليوم يعود المشهد ذاته ولكن في ليبيا والنتيجة تسليم ليبيا لحفتر بمساعدة مصر والأمم المتحدة، وعلى غرار الخطة في اليمن تسليم اليمن للحوثي رجل أمريكا، ولكن ليست بمساعدة تركيا بل إيران والسعودية والأمم المتحدة التي شرعنت وجوده والاعتراف به ودعمه بحجج إنسانية.
إن على الدولة التي تطبق الإسلام أن تجعل الإسلام، عقيدة ونظاماً، أساساً لها في الحياة، وليس كما هو الواقع في بلاد المسلمين اليوم؛ لا تحكمها مصلحة الإسلام بل مصلحة الرأسمالية وتعني مصلحة الأشخاص الذين يحكمون هذه البلاد…
إن على المسلمين اليوم أن ينبذوا هؤلاء الحكام ويضعوا يدهم مع الأيادي الطاهرة التي تهدف لتطبيق الإسلام بالدعوة له والعمل على نشره حتى يشكل قناعة راسخة لدى الأمة حكاما ومحكومين وعسكريين ومدنيين ينصبونه حاكما ومهيمنا ونصيرا، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ عبد الرحمن العامري – اليمن
2020_01_16_Art_Conspiracies_by_America_and_its_faults_are_continue_in_Muslim_countries_AR_OK.pdf