Take a fresh look at your lifestyle.

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية” الحلقة السادسة والستون

 
 

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”

الحلقة السادسة والستون

 

 

 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

أيها المسلمون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق: موضوع حلقتنا لهذا اليوم هو: “الشوق إلى الجنة، واستباق الخيرات”. فإذا أدى العبد ما افترضه الله عليه، وأتبعها بالمندوبات وتقرب إلى الله بالنوافل تقرب الله منه وأحبه. ومن هذه المندوبات والنوافل:

 

سابع وعشرون: الستر على زلات المطيع الخاصة: بداية نتساءل قائلين: هل ثمة آثار إيجابية مترتبة على الستر؟ وللإجابة نقول: إن الآثار الإيجابية المترتبة على الستر سواء على الفرد أو المجتمع كثيرة يمكن أن نوجزها في النقاط الآتية:

 

أولا: استشعار فضل الستر، وأن الله يستر من ستر عبدا مذنبا، فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة مرفوعا: “لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة”. وإن الله من صفاته السـتير، ففي الحديث: “إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر”.

 

ثانيا: رجوع المستور عليه وتوبته، وليعلم من أنعم الله عليه بالستر بين عباده أن الله يمهل ولا يهمل، وأن الله قادر على أن يكشف ستره إذا هو كشف الستر الذي بينه وبين الله، وأن الله مطلع عليه, وأن من قام بالستر عليه لم يستره عن عين الله، قال تعالى: {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون}. (فصلت22) وفي حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ضحك وأخبر الصحابة أن ما أضحكه هو أن العبد حينما تعرض أعماله عليه يوم القيامة ويجحدها, ويطلب عليه شهيدا؛ فيشهد عليه أقرب شيء منه أعضاؤه …

 

ثالثا: أنه علاج اجتماعي كبير، حيث تختفي فيه كثير من أمراض المجتمع.

 

رابعا: انتشار المحبة والألفة بين الناس، وفشو حسن الظن بين المؤمنين، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}. (الحجرات12) هكذا كان حال سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى، يتحلون بالشهامة والكرامة, والنخوة والرجولة, والستر ممتثلين حديث نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: “من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة”. فما بال شباب اليوم أصبح بعضهم خاليا من كل شهامة وكرامة ورجولة، يتسابق مع أمثاله لالتقاط مقطع فاضح, ويسرع ليتولى توزيعه عبر البلوتوث, والإنترنت, واليوتيوب, ويفاخر بأنه من صوره, ومن وزعه ولا يدري ذلك المسكين بأن عليه إثم تصويره وتوزيعه, وإثم كل من شاهده، ففعله ذاك والله حرام, وهو ليس من الإسلام, وليس من الشهامة ولا من الرجولة في شيء!

 

أجل أيها المؤمنون, هذه هي الجنة أو الجنات التي أعدها الله جل في علاه لعباده المؤمنين, وهذه هي السبل الموصلة إليها, سقناها إليكم بشيء من التفصيل, فشمروا عن ساعد الجد, وكونوا من عباد الله الصالحين المخلصين, وجدوا واجتهدوا في طاعة الله ورسوله, وفي الصبر على المكاره, وتنافسوا في طلبها, فهي غالية وتستحق أن يضحى من أجلها بالغالي والنفيس. ولله در الشاعر حيث قال:

 

تريديـن إدراك المعالي رخيصـة       ولا بد  دون الشهد من إبر النحل

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

محمد أحمد النادي