مع الحديث الشريف
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في “وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”.
حدثنا قيس بن حفص قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا الأعمش سليمان بن مهران، عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في خرب المدينة وهو يتوكأ على عسيب معه، فمر بنفر من اليهود فقال: بعضهم لبعض سلوه عن الروح وقال: بعضهم لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه، فقال بعضهم: لنسألنه، فقام رجل منهم فقال: يا أبا القاسم ما الروح؟ فسكت فقلت: إنه يوحى إليه، فقمت فلما انجلى عنه قال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}.
“وما أوتوا من العلم إلا قليلا”، فلا يغتر إنسان بعقله، ولا يغتر إنسان بعلمه، ولا يغتر إنسان بنفسه، فالإنسان عاجز وناقص ومحتاج، والرسول صلوات ربي وسلامه عليه لو لم يكن يتصل بالسماء عن طريق الوحي لما وصل إليه هذا الخير وهذه الأحكام، فكان عليه الصلاة والسلام إذا ما سئل عن أمر ليس عنده علم به توقف عن الإجابة، حتى يتنزل جبريل عليه السلام فيبلغه، فيسير على بينة من أمره.
أيها المسلمون:
وهكذا يكون السير على خطى راسخة ثابتة، على طريق واضح يقيني، لا يشك من يلتزم به بحتمية الوصول إلى الغاية والهدف المرام، فلا يسير الإنسان متعثرا متأرجحا متخبطا، ولا يسير خائفا مجربا متراجعا، بل يسير وهو مطمئن بأن الله محقق له وعده.
أيها المسلمون:
وما أحوجنا اليوم إلى الالتزام بطريق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي خطّه الوحي له ولنا؟ ما أحوجنا إلى هذا الالتزام وقد جربنا كل الطرق إلا هذا الطريق؟ طريق إقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة، ألم يَسِرْ رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام على طريق واضح عندما أقام دولة الإسلام الأولى؟ فلماذا نحن عنها نحيد؟ ألسنا بشرا نصيب ونخطئ؟ أم ترانا أكثر علما ومعرفة وعقلا؟ إن كان ذلك نقول: إن القضية لا توزن بهذا، بل توزن بمدى الالتزام بالطريق الذي أمرنا الله باتباعه.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم