الحرب التجارية بين أمريكا والصين: كلها حول التفوق التكنولوجي
(مترجم)
الخبر:
في تموز/يوليو 2018، تابع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شهوراً من التهديدات بفرض تعريفة شاملة على الصين بسبب ممارساتها التجارية غير العادلة المزعومة. على مدار الـ18 شهراً التي تلت ذلك، انخرط البلدان في مفاوضات ذهاباً وإياباً لا تعد ولا تحصى، حرب تعريفية متبادلة، وفرضت قيوداً على التكنولوجيا الأجنبية، وقاومت العديد من قضايا منظمة التجارة العالمية، مما أدى إلى توترات تجارية بين الولايات المتحدة والصين على شفا حرب تجارية شاملة. (بريفينغ)
التعليق:
عندما اشتركت أمريكا والصين في اتفاقية تجارية للمرحلة الأولى، لم تكن هناك إشارة تدل على أن هذا سيتوج باتفاقية تجارية شاملة دائمة بين البلدين. وذلك لأن هدف أمريكا الرئيسي وراء الحرب التجارية هو منع الصين من تحقيق التفوق على الجيل التالي من التقنيات مثل G5 والذكاء الاصطناعي. تؤكد الطريقة التي اتبعت بها إدارة ترامب من شركتي هواوي وزي تي أي عزم أمريكا على عرقلة عزم الصين على تولي قيادة مجموعة G5 وAI. تندرج التقنيتان في فئة التقنيات للأغراض العامة على غرار ما يشبه محرك البخار، والمحرك القابل للاحتراق والحاسوب الشخصي المسؤول عن إنتاج تقنيات أخرى أو ما يشبهه البعض باسم الاقتصاد المؤتلف.
تعني قيادة G5 التحكم في بيانات الكميات الضخمة، والتي هي شريان الحياة لاقتصاد الذكاء الاصطناعى الجديد – ويشمل ذلك تطبيقات مثل المدن الذكية والنقل المستقل والأتمتة الصناعية المتقدمة. مع استنفاد ثمار الثورة الصناعية الثانية، ما زالت تزداد أهمية G5 وAI بين صانعي السياسة في واشنطن وبكين.
طموح الصين في أن تصبح أول محرك في الفئة G5 وأن تتولى الإشراف على الذكاء الاصطناعي ليس سراً. ففي عام 2015، أطلق رئيس الوزراء لي كه تشيانغ مبادرة “صنع في الصين” (MIC 2025) وهي مؤسسة رئيسية تهدف إلى تحسين القدرة الصناعية للصين وتحفيز الإنتاجية الاقتصادية. ويعتمد نجاح MIC 2025 على ركيزتين مهمتين. في عام 2013، أنشأت بكين IMT-2020 5G Promotion Group من أجل الهيمنة العالمية لـG5، وفي العام نفسه، كشفت الحكومة الصينية عن مبادرة الحزام والطريق، أحد أكبر مشاريع البنية التحتية في العالم التي تضم 4.4 مليار شخص وتحوي ما يصل إلى 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ليس هناك شك في أن محرك الحزام والطريق للبنية التحتية سيمكن بكين من الحصول على موقع متميز في البلدان التي تنشر بنية تحتية صينية الصنع.
وفي المقابل كانت أمريكا بطيئة للغاية في الاستجابة لخطط الصين G5، ومبادرة الحزام والطريق ومبادرة MIC 2025 الأوسع. لقد أضاع أوباما الفرصة لمعالجة هذه المخاوف في محوره لاستراتيجية آسيا التي أعلن عنها في عام 2011، والتي كانت تهدف إلى تغيير موقع المعدات العسكرية الأمريكية والموارد لتخفيف مخاوف انعدام الأمن التي عبر عنها الحلفاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. لقد ترك الأمر لإدارة ترامب لتبني مقاربة أكثر مواجهة لإحباط هيمنة الصين في G5 في عام 2019، ولذا حظر ترامب تحت شعار “المخاطر الأمنية” شركة هواوي على الجبهة الداخلية، وأرغم الحلفاء على منع هواوي من عمليات نشر G5.
إن الادعاءات المتعلقة بضعف شبكة هواوي G5 مخادعة. فشبكة G5 الأمريكية أو الأوروبية هي أيضا عرضة لضعف الأمن. ومن الناحية العملية، جميع الشبكات سيئة. فغالباً ما تفشل الشركات المصنعة في بحثها عن الأداء العالي للوصول للأمان في معالجة ثغرات النظام بسبب التكاليف الباهظة. وهذا يوفر للحكومات فرصاً للتنصت.
إن الطبيعة الجيوسياسية لـ G5تعني أن العالم بدلاً من مشاهدة الثورة الصناعية القادمة سيكون ضحية لنظام تكنولوجي ثنائي القطب. ستكون السببية الرئيسية هي قابلية التشغيل البيني بين مجالات التكنولوجيا الصينية والغربية بناءً على إصدارات مختلفة من G5 إلى جانب الدوافع التجارية التي توجه الإجراءات العقابية الأمريكية ضد شركات التكنولوجيا الصينية، تشعر واشنطن بالقلق أيضاً من تطوير الصين لهذه التقنيات لتحدي أولوية أمريكا في المحيط الهادئ وأوراسيا. يمكن للتطبيق العسكري لـ G5وAI تضييق الفجوة بين الصين وأمريكا في ساحة المعركة. حيث بدأت الصين بالفعل في اتخاذ تدابير لتحقيق الاستقلال في رقائق الكمبيوتر وأنظمة التشغيل، وهي اللبنات الأساسية لتسخير طاقة الذكاء الاصطناعي على منصات G5.
وحدها فقط الخلافة التي ستغير الوضع الحالي وستقتلع هذا النظام العالمي الرأسمالي، من خلال استغلال الخلافات الحالية بين الدول الرأسمالية. الخلافة فقط هي التي تستطيع تحرير العالم من مثل هذا النظام القمعي المليء بصرخات الأطفال وسفك دماء الأبرياء والمجاعات.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عادل