قروض الربا هي مسمار جحا الذي لن تخلصنا منه إلا دولة الخلافة الراشدة
الخبر:
أكد وزير المالية في السودان إبراهيم البدوي خلال المؤتمر الصحفي، الذي نظمته (سونا)، وجود مصادر أخرى لتمويل الموازنة، منها المنح، والقروض بمئات الملايين من الدولارات، من مؤسسات تمويل عربية ودولية، والبنك الإسلامي للتنمية والتعاون الدولي الثنائي. وكشف بأن عدم سداد النظام البائد للمتأخرات تسبب في عدم الحصول على المنح.
التعليق:
إذا لم يستطع النظام البائد سداد المتأخرات فلماذا يسير الوزير (الخبير الاقتصادي) فى نفس الاتجاه؟ ولماذا يكون الحل هو القروض الربوية؟ وكأنها قدر مقدر؟ ولماذا لا يتجه لخيارات أخرى هي أجدى وأنفع؟
لقد جربت الأنظمة المتعاقبة على حكم السودان الاقتراض النقدي المباشر، من الدول، والبنوك الدولية، وصندوق النقد الدولي، ولم نجن إلا الخراب والدمار، وغالبا ما يكون هذا الاقتراض بشروط مجحفة، ومخلة بالسيادة الوطنية، التي يضحَّى بها بحجة تأمين لقمة العيش للشعب، ومع ذلك فلقمة العيش لا تتوفر! والأنكى من ذلك هو المشاريع التي تهدر فيها هذه القروض، والتي غالباً ما تكون مشاريع “مهرجانية” غايتها الدعاية للنظام الحاكم ليس آخرها سد مروي، الذي قيل عنه (لا كهرباء بمال بعده)، فلم نجد الكهرباء في صيفنا القائظ قيظ حكامنا المخادعين. وغالباً ما تتحول هذه المشاريع إلى مصادر صرف لموازنة الدولة، عوض أن تكون مصدراً لإنعاش اقتصادها.
وكان تجريب المجرب هو الخيار الوحيد المتاح! ألا يملك حكام السودان الجدد من مواهب القيادة والإبداع حسب ما روج عنهم ككفاءات؟ فى بلد يزخر بالخيرات الظاهرة والباطنة؟ تراهم يسارعون فى طلب الربا مع علمهم بمضاره في واقع الاقتصاد، والنتيجة تحميل الموازنة عبء الدين وخدمة الدين الذي يزداد سنة بعد سنة.
إن هذا التسوُّل واستجداء الهبات والعطايا من الدول الغنية، وغالباً بشروط خفية غير معلنة، هو الطريقة المفضلة لدى حكام السودان، بغض النظر عن انتماءاتهم، وما ذلك إلا تنفيذ لمطلوبات صندوق النقد والبنك الدوليين، المسخرة لخدمة الغرب الرأسمالي. وكم بشرنا في السودان بالمن والسلوى بعد إعلان وزير المالية أن دولة ما أو إحدى المنظمات الدولية قدمت لنا هبة سخية وقروضاً بدون ربا من أجل التنمية، لكنهم لا يخبروننا ما هي شروط هذه “الهِبة” أو ما هي المشاريع التي ستستثمر فيها! وكل حكومة تلعن أختها بأنها سبب الدمار وأن متأخرات الربا لم تسدد حتى فاقت اليوم 60 ملياراً، وبهذا يصبح كل ما حققه حكامنا هو التسول الذي يوردوننا به موارد الهلاك والخراب.
وما دام الوزير إبراهيم البدوي خبيراً اقتصاديا دوليا فيحق لنا أن نسأله، ألا يعلم الوزير أن القروض هي بصريح العبارة الزيادة في نسبة تدهور اقتصاد الدول؟ إذ إنّ الدولة المقترضة لا يمكنها التخلُّص من ديونها ما دامت الزيادات الربوية المُترتِّبة عليها تتضاعف سنويا؟ ألا يعلم وزير المالية أن تكرار حدوث الأزمات الاقتصاديّة الناشئة من الارتفاع المُستمِرّ في نسبة الربا سنويا يترتب عليه إنهاك الاقتصاد بزيادة المعروض النقدي دون الزيادة في السِّلَع والخدمات، ممّا يُؤَدّي إلى خفض القوّة الشرائيّة؟
ألا يعلم الوزير أن الربا يزيد التضخُّم الاقتصادي، وهو الانخفاض في قيمة النقود، والذي يكون ناشئاً من ارتفاع مُعدّل الزيادة في نسبته عن مُعدّل الزيادة في الإنتاج؟ لأن خلق المال كما يُعبر عنه أهل الاقتصاد، أي إيجاد مال من عدم غير عمل، وخلق المال هذا يؤدي بدوره إلى فقدان المال لقيمته وبالتالي زيادة معدلات التضخم، وحدوث أزمات اقتصادية.
إن كان وزير المالية الذي جاء الى منصبه بوصفه خبيراً اقتصادياً لا يعلم، فهذه مشكلة كبيرة، وإن كان يعلم فهي الطامة!
أما حرمة الربا شرعاً، فهذا من المعلوم من الدين بالضرورة، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة الآية 275 ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهي فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون﴾ لكن من يطبق الشرع الحنيف ليس أنظمة هي إرث الاستعمار الذي يأتمر بأمره ولو كان فيه الهلاك، بل هي دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي آن أوانها وأظل زمانها.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذة غادة عبد الجبار (أم أواب) – الخرطوم