Take a fresh look at your lifestyle.

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية” الحلقة الثامنة والسبعون

 

 

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”
الحلقة الثامنة والسبعون

 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

أيها المسلمون:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق:

هناك أخلاق ذميمة منهي عنها منها الكذب: أخرج ابن ماجه في سننه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنما هما اثنتان، الكلام والهدي، فأحسن الكلام كلام الله، وأحسن الهدي هدي محمد، ألا وإياكم ومحدثات الأمور، فإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ألا لا يطولن عليكم الأمد، فتقسو قلوبكم، ألا إن ما هو آت قريب، وإنما البعيد ما ليس بآت، ألا إنما الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره، ألا إن قتال المؤمن كفر وسبابه فسوق، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، ألا وإياكم والكذب، فإن الكذب لا يصلح بالجد ولا بالهزل، ولا يعد الرجل صبيه ثم لا يفي له، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإنه يقال للصادق: صدق وبر، ويقال للكاذب: كذب وفجر، ألا وإن العبد يكذب حتى يكتب عند الله عز وجل كذابا”.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “… وإياكم والكذب, فإن الكذب يهدى إلى الفجور, وإن الفجور يهدى إلى النار, وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا”. متفق عليه. وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة”. قال أبو جعفر: والطمأنينة معها حسن الخلق, والريبة معها سوء الخلق. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.

وفي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر”. وروى ابن ماجه في سننه عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: “عليكم بالصدق، فإنه مع البر وهما في الجنة، وإياكم والكذب، فإنه مع الفجور وهما في النار، وسلوا الله المعافاة، فإنه لم يؤت أحد بعد اليقين خيرا من المعافاة، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا”. رواه ابن حبان في صحيحه، والطبراني عن معاوية، وحسنه الهيثمي والمنذري.

وروى البخاري في صحيحه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحد منكم من رؤيا؟ قال: فيقص عليه من شاء الله أن يقص، وإنه قال ذات غداة: … وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق …”.

وروى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن من أفرى الفرى أن يري عينيه ما لم تر…”. وروى البخاري أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”.

وروى البيهقي في السنن الكبرى عن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب! ولقد كان الرجل يكذب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذبة, فما تزال في نفسه عليه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة”. رواه أحمد والبزار وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم – قال أبو معاوية ولا ينظر إليهم- ولهم عذاب أليم شيخ زان, وملك كذاب, وعائل مستكبر”. والعائل: الفقير. وعن بهز بن حكيم قال: حدثني أبي عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم! ويل له! ويل له!”. رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن. وأبو داود وأحمد والدارمي والبيهقي.

وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “البيعان بالخيار ما لم يتفرقا – أو قال حتى يتفرقا – فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما, وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما”. متفق عليه. وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “الحلف منفقة للسلعة, ممحقة للبركة”. متفق عليه.

فإذا التزم المسلم بالأخلاق الفاضلة, باعتبارها أحكاما شرعية واجبة الاتباع طاعة لله: امتثالا لأوامره, واجتنابا لنواهيه, فإنه يسمو ويرقى في المرتقى السامي من علي إلى أعلى, ومن شاهق إلى شاهق.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد أحمد النادي