تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”
الحلقة السادسة والثمانون
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق:
خامس عشر: ومن الأخلاق الذميمة ذو الوجهين: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تجدون الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا وتجدون من خير الناس في هذا الأمر أكرههم له قبل أن يقع فيه وتجدون من شرار الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه”. متفق عليه. وعن محمد بن زيد أن ناسا قالوا لجده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: “إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم قال: كنا نعدها نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم”. رواه البخاري. عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار”. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه.
سادس عشر: ومن الأخلاق الذميمة الظلم: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الظلم ظلمات يوم القيامة”. متفق عليه. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته” ثم قرأ: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}. (هود102). متفق عليه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال: “اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب” متفق عليه. وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا …” رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كانت له مظلمة لأحد من عرض، أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار، ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه”. رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“المسلم أخو المسلم, لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى ها هنا”. ثلاث مرات, ويشير إلى صدره “بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه”. رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل, والصائم حين يفطر, ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام, وتفتح لها أبواب السماء, ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين”. رواه أحمد والترمذي وحسنه، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. وعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ثلاثة تستجاب دعوتهم: الوالد والمسافر والمظلوم” رواه الطبراني وقال المنذري: بإسناد صحيح، وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن يزيد الأزرق وهو ثقة. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دعوة المظلوم مستجابة، وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه” رواه أحمد, وقال المنذري بإسناد حسن، وقال الهيثمي إسناده حسن.
سابع عشر: ومن الأخلاق الذميمة مخالفة القول للفعل: قال تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون}. (البقرة44) وهذه الآية خطاب لبني إسرائيل، فهي من شرع من قبلنا، إلا أن الله سبحانه لفت نظرنا في آخر الآية بقوله لهم: {أفلا تعقلون}. أي إن الذي يفعل فعلهم لا يعقل، فكانت خطابا لنا. وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}. (الصف3). وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار, فتندلق أقتاب بطنه, فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى, فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان, ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه, وأنهى عن المنكر وآتيه”. متفق عليه. وعن جندب بن عبد الله الأزدي رضي الله عنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه”. رواه الطبراني وقال المنذري: إسناده حسن, وقال الهيثمي: رجاله موثقون.
فإذا التزم المسلم بالأخلاق الفاضلة, باعتبارها أحكاما شرعية واجبة الاتباع طاعة لله: امتثالا لأوامره, واجتنابا لنواهيه, فإنه يسمو ويرقى في المرتقى السامي من علي إلى أعلى, ومن شاهق إلى شاهق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد أحمد النادي