Take a fresh look at your lifestyle.

فلسطين تحتاج مليون مقاتل وليس مليون توقيع!

 

 

فلسطين تحتاج مليون مقاتل وليس مليون توقيع!

 

الخبر:

في خبر أوردته وكالة قدس برس العالمية للأنباء قال رئيس كتلة فلسطين النيابية في البرلمان الأردني إن اختيار الأردن لإطلاق حملة “العودة حقي وقراري” والتي تهدف لجمع مليون توقيع يأتي لجهة أن الأردن يعتبر خزاناً بشرياً للاجئين الفلسطينيين في العالم، وأن “لجنة فلسطين النيابية تسعى من خلال هذه الحملة إلى ترجمة التوجهات الملكية الرافضة للتوطين والوطن البديل عبر اللاءات الملكية الثلاث”. وسيتم جمع التواقيع وإرسالها إلى مركز العودة في بريطانيا، بصفته عضواً مراقباً في الأمم المتحدة، لتكون رسالة أمام العالم، أن “اللاجئين متمسكون بحقهم في العودة إلى فلسطين، وبأن هذا الحق لا يسقط بالتقادم”.

التعليق:

ماذا تنفع تواقيع مليون شخص أمام واقع مرير تم إنشاؤه على مدار قرن كامل استعملت فيه جميع الأدوات العسكرية والسياسية والإعلامية والثقافية، وكلها تكاتفت لإنشاء دولة ليهود في فلسطين، وطرد أهل فلسطين من ديارهم وتشريدهم في كل حدب وصوب؟ صحيح أن جمع التواقيع من أبناء فلسطين وغيرهم يثبت لنا وللعالم أن الناس في فلسطين والبلاد الإسلامية لم يقبلوا يوما ما ولن يقبلوا بوجود دولة ليهود على أي بقعة من بلاد المسلمين. هذا أمر مسلم، ولا جدال فيه، ولا يحتاج لتواقيع مليار مسلم لإثباته، بل هو ثابت في وجدان كل مسلم يدين لله عز وجل بالوحدانية ويتبع هديه القويم ورسوله الأمين، وقرآنه الكريم، هذا أمر مقطوع به.

ولكن الذي جرى خلال مئة عام من المؤامرات والصفقات والتي وصلت إلى إعلان صفقة القرن، إنما جرى رغما عن الأمة، وبتآمر واضح وجلي من حكام المسلمين وخاصة الدول المجاورة لفلسطين. فمنذ انتداب عصبة الأمم لبريطانيا وتكليفها بتنفيذ ما ورد في وعد بلفور لإنشاء وطن قومي ليهود في فلسطين، عمد بعض ممن نصبهم الإنجليز زعماء، إلى التحالف مع الإنجليز ومكنوهم من إنجاز وعدهم إلى أن تم الإعلان رسميا عن قيام دولة يهود سنة 1948 وحينها انسحبت الجيوش العربية بأوامر خسيسة ممن رضوا أن يكونوا أذنابا لبريطانيا. وحصل بموجب قيام كيان يهود طرد وإخراج أكثر من 3 ملايين من أهل فلسطين من أرضهم وديارهم. وبدلا من إعادة تشكيل جيوش مخلصة تطرد الإنجليز ومعهم يهود من المنطقة نصبت خيام لهم وتداعت الأمم المتحدة ومعها من سموهم زعماء زورا وبهتانا لترويض وتطبيع المشردين من خلال معونات الطعام والشراب.

وفي عام 1967 تآمرت الدول نفسها التي ساهمت في قيام كيان يهود مرة أخرى لتمكن يهود من احتلال ما تبقى من فلسطين مضيفة إليها سيناء من مصر وهضبة الجولان من سوريا، لتكون أدوات ضغط ومساومة للاعتراف بكيان يهود على كامل أرض فلسطين. فكانت أول مساومة شكلية مع مصر في اتفاقيات كامب ديفيد لتعيد دولة يهود سيناء لمصر مقابل اعتراف مصر بها على أرض فلسطين وقد حصل. ثم تبعتها لاحقا اتفاقيات أوسلو لتعترف من خلالها منظمة التحرير بكيان يهود على معظم أرض فلسطين مقابل سلطة لا سلطة لها إلا على أبناء فلسطين وأرزاقهم، واتفاقية وادي عربة ليعيد كيان يهود للأردن بضعة آلاف من دونمات كانت قد سلمت لهم دون قتال وفي ظلمة ليل بهيم، مقابل اعتراف الأردن ليهود بفلسطين، وقد حصل. وبقيت سوريا تتبجح وتكابر بما سمته الممانعة وعدم الاعتراف بكيان يهود، مع أن حاكمها حافظ أسد هو الذي أمر جيش سوريا بالانسحاب من الجولان.

فلم تكن صفقة ترامب صفقة جديدة، بل كما سماها هو وزبانيته هي صفقة قرن، أي هي تتويج لأعمال عسكرية وسياسية وإعلامية وثقافية استمرت قرنا كاملا حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن مع انكشاف أوراق كانت تعمل سابقا بالخفاء كما في دول الخليج، وأوراق كانت دائما تعمل في الظاهر. فأعمال مئة عام متتالية بما احتوت من حروب ومعارك وهمية، وهزائم مصطنعة وأحيانا انتصارات مصطنعة، كل ذلك لا يرده ولا يمنعه ولا يعيد الأمور إلى نصابها والحقوق إلى أصحابها واللاجئين إلى ديارهم، تواقيع مليون بل قل مليار إنسان.

أضف إلى ذلك أن الحملة المزعومة لجمع التواقيع قيل إنها بتوجيهات ملكية في الأردن. أوليست هذه هي التوجيهات نفسها التي تعاملت مع بريطانيا منذ بداية القرن الماضي وأصبحت ربيبتها في كل ما يتعلق بشؤون فلسطين وإخراج مسرحية وعد بلفور وإنشاء كيان يهود؟ أوليست هي التوجيهات نفسها التي اعترفت بكيان يهود في فلسطين مع تمثيل دبلوماسي وسياسي كامل؟ فإذا كانت فلسطين بمعظمها هي كيان يهود المعترف به، فإلى أي أرض يعود اللاجئون؟ أم أنكم منا تسخرون؟!

صفقة ترامب لم تأت بشيء جديد. كل حكام العرب ظاهرا أو باطنا مقرون ومعترفون وقابلون بدولة ليهود في فلسطين، ليس الآن فقط بل منذ أن أنشئت كيانات لهؤلاء الحكام كما أنشئت ليهود دولة وكيان. فإذا صح ذلك، وهو قطعا صحيح، فلماذا يستمر هؤلاء بالتمادي والتدليس على الشعب الفلسطيني وتخديرهم بكلام مثل “العودة حقي وقراري”؟ وفوق كل ذلك هل يجرؤ أحد من الحكام وزبانيتهم أن يفصح عن مدلول العودة وحق العودة وإلى أي فلسطين تكون العودة؟ ألم يقر الحكام وأنظمتهم أن فلسطين بحدود 1967 كلها كيان ليهود؟ فالعودة إلى أي فلسطين وعم تتحدثون؟ أم لا زالت المؤامرة مستمرة في التضليل وصرف الأذهان عن خيانات متتالية منذ مئة عام؟

ثم إن من يتولى كبر جمع التواقيع يجيب حين سئل عن ماذا بعد التواقيع، يجيب بملء شدقيه بأن التواقيع سنودعها مركز العودة في بريطانيا!! سبحان الله أليست بريطانيا هي هي من أنشأ الكيان، ومن أمّن هجرة يهود لفلسطين وأخرج أهل فلسطين من ديارهم؟ أليس فيكم رجل رشيد؟ ما لكم كيف تحكمون؟!

لا يوجد أدنى شك أن الشعوب في البلاد الإسلامية وليس فقط أهل فلسطين، يتحرقون شوقا لتحرير كافة فلسطين من يهود، ولسنا بحاجة إلى تواقيع ورقية أو إلكترونية لإثبات ذلك، نحن بحاجة فقط إلى فتح ولو جبهة واحدة لتحرير فلسطين، يترك فيها أبناء الأمة للتعبير عن شعورهم ووجدانهم. فالأمة اليوم كما كانت دائما قادرة على تقديم مليون شهيد بدلا من مليون توقيع. بشرط أن يكون قائد جيوشهم ومحركهم نحو التحرير خليفة مثل عمر أو أبي بكر، وقائداً مثل خالد أو صلاح الدين، ودافعهم إلى التحرير إيماناً بالله وطلبا لمرضاته.

﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد جيلاني

 

2020_02_25_TLK_2_OK.pdf