بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إثم القعود عن العمل لإقامة الخلافة
أيها الأخوة المسلمون: ابتليت أمتكم بحكام حكموها بعد أن جزأها الكفار ونصبهم عليها, ثم تتابع تنصيبه لمن لحقهم, فالسابق واللاحق في الجريمة سواء, وقد اشترط الكفار فيمن ينصبونه, أن يحارب الخلافة أو الحكم بما أنزل الله حربا لا هوادة فيها, فلا تجدون بلدا من بلدانكم إلا وسجونها لا تخلوا ممن يعملون لإيجاد الخلافة التي هدمها الكفار وهؤلاء الكفار والحكام يحرصون حرصا شديدا على عدم عودتها.
أيها الأخوة المسلمون: إن من يضع الخلافة وراء ظهره ولا يعمل لها, فإنه يكون قد عصى الله ورسوله, فالأدلة التي توجب العمل لأقامتها مستفيضة جدا, بل إنها جعلت ميتة المسلم الذي لا يعمل لأقامتها ميتة جاهلية, وفق الحديث الشريف الذي أخرجه مسلم من طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ((ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)).
فالإثم الذي يترتب على كل قاعد عن العمل لإقامة الخلافة هو إثم عظيم, أما الحاكم الذي يركن إليه هذا القاعد, ولم يعمل لإزالته, فإن إثمه وعذابه أشد بكثير لأنه لا يحكم بما أنزل الله, ويوالي الكفار ويلقي إليهم بالمودة, طالبا لنفسه العزة منهم, فهو المنافق، كعبد الله بن أبي بن سلول الذي أعد الله لهم عذابا أليما, قال سبحانه وتعالى: ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)) وقال: ((بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين, أيبتغون عندهم العزة, فإن العزة لله جميعا)).
لقد توعد الله الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله, وتوعد المسلم القاعد عن العمل لإيجاد الخليفة الذي يحكم بما أنزل الله, توعدهم بالعذاب الأليم, فالحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله وهو ينكر الإسلام فقد وصفته آيات الله بالكفر ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)) أما الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله ولكنه لا ينكر الإسلام, فقد وصفته الآيات بالفسق والظلم, ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)) ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون)).
هذا واقعكم أيها المسلمون فتبصروه قبل أن تلاقوا ربكم, وقد فرطتم بأعظم فرض فرضه الله عليكم, ولقد أقبل على هذا الموضوع، موضوع الخلافة، بعضكم ولكنهم لم يبلغوا حد الكفاية, ولو أنهم قد أقبلوا بعشرات الآلاف أو يزيدون في بعض بلاد المسلمين ليعملوا مع حزب التحرير, ما يدل على أن الخلافة أصبحت قضية المسلمين العملية, وليس من الناحية الفكرية كما كانت قبل سنين.
أيها الأخوة المسلمون: إن هم حزب التحرير الذي يعمل له منذ أول يوم وجد فيه, هو استئناف الحياة الإسلامية في الأرض بإقامة الخلافة على منهاج النبوة, وهو همه الحقيقي الذي لن يتحول عنه, لأنه الفرض العظيم, الذي اتخذه هذا الحزب طريقا له, سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم, والله تعالى أمرنا بها حين قال: ((ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون))، فحزب التحرير والحمد لله أدرك طريقه, فهي ليست من عنده, إنما هي طريق محمد صلى الله عليه وسلم, الذي لا ينطق عن الهوى, وهو لا يسعى إلى الخيال كما يظن الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم أنفسهم, بل اعتقد أفراده اعتقادا جازما بأن إقامة الخلافة حقيقة واقعة بإذن الله, أما دليلها في القرآن والحديث, القرآن بآية وعد الله سبحانه وتعالى للذين آمنوا وعملوا الصالحات بالاستخلاف في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم إذ يقول: ((وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا, ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون).
وأما الحديث، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضاً فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) ثم سكت. أخرجه أحمد من طريق حذيفة.
أيها الأخوة المسلمون: إن كيد الشيطان كان ضعيفا فكيف بأوليائه الذين كشفهم الله لنا، ومؤامراتهم وأحبط أعمالهم، ونجزم أنه سوف لا يكون لهم شأن عند قيام الخلافة فالأمة أدركت خيانة الحكام وعظمة كيد الكفار, فلن تتخلى عن إسلامها وتتبعهم، إن أولئك العملاء سيختفون طوعا أو كرها فلن يجد الأعداء حينها خائنا يفتح لهم مغاليق البلاد الإسلامية ليدخلوها دون عتاد.
أيها المسلمون الذين آثروا القعود عن العمل، إنكم قد ركنتم إلى الحكام الذين يعيثون في الأرض الفساد, فيذبحون ويعتقلون ويجوّعون ويسرقون الخيرات، فاعلموا أنكم مهما طال بكم العمر فإنكم ستدسون في التراب وتتركون ما خول الله لكم وراء ظهوركم، يقول سبحانه: (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون)، فانظروا إلى من كان قبلكم, لمن آلت ثروته؟ التي كان يخشى بطش الحاكم على نفسه وعليها، قال سبحانه: (كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين * فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين)
إنكم لتسألن عن هذا القعود، ولتسألن عن سكوتكم عن الحكام الذين عطلوا الحكم بما أنزل الله، وتركوا الجهاد في سبيل الله، ووالوا أعداء الله، وأضاعوا كثيرا من بلاد المسلمين وأنتم تنظرون، سواء أكانت فلسطين أم كشمير أم قبرص أم تيمور الشرقية، أم تقطيع أوصال العراق وأفغانستان أم فصل جنوب السودان, أم ما يحدث من مجازر في الصومال والشيشان…….، فأنتم بهذا القعود والسكوت، ساهمتم بالقتل والتشريد والتهجير.
فقد أوردت الإحصائيات أن 80% من مهاجري العالم من المسلمين، ومع ذلك لا تتوبون ولا تتذكرون, يقول سبحانه تعالى: (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين، ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون)
فاستجيبوا لربكم أيها المسلمون واعملوا مع حزب التحرير لإعادة الخلافة التي هدمها الكفار، فإن لم تستجيبوا فإنكم لن تضروا الله شيئا ولن تحولوا دون قيام الخلافة، فهي قائمة بإذن الله, بوعده سبحانه, وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو الصادق