في ذكرى هدم الخلافة.. نفتقد رعاية الشؤون!
الخبر:
عواصف رعدية تضرب العاصمة عمان.
التعليق:
استيقظت قبيل الفجر في غسق الليل على أصوات مرعبة، كأنما تعرض المنزل لقصف بالحجارة، فإذا بالبرَد يصطدم بالنوافذ وجدران البيت وسقفه وخزان الماء فوقه، وما إن نظرت في الخارج حتى سمعت زمجرة الرياح، ووابل من الماء ينسكب انسكاباً، كأنما فتحت أبواب السماء بماء منهمر، فأخذت أتفقد البيت خشية دخول الماء إليه، خشية تحطّم النوافذ… ووجدت بحراً من الماء متجمعاً أمام البيت، فهرعت مشمراً حافياً لمعالجة الأمر، وتفقدت أولادي وجيراني…
جالت الخواطر في ذهني عن أحوال بقية الناس، ما حال الفقراء الآن؟ ما حال الذين يسكنون في المخيمات؟ تذكرت مخيمات اللاجئين في الزعتري وغيره، هل يا ترى وجدوا من يتفقدهم؟ ثم جمح بي الخيالُ عبر القرون، وتذكرت رسول الله r القائل: «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، وتذكرت أبا بكر الصديق رضي الله عنه في قيامه بكنس بيت العجوز كل صباح، وعمر بن الخطاب يحاول أن يسبقه إليها، وتذكرت عمر بن الخطاب حاملاً كيس الطحين على ظهره وابن عوف معه ليوصله إلى خيمة المرأة الفقيرة، وتذكرت وتذكرت… فتساءلت: هل سأرى ولي أمر البلاد (الملِك) خارجاً يتفقد شؤون الناس؟ هل سأرى رئيس الوزراء؟ أين الوزراء؟ أين المحافظ؟ أين رئيس البلدية؟ أين مدير الشرطة؟ أين خطط النوازل والكوارث؟ أين وأين وأين…؟
لم أسمح للخواطر أن تأسِرَني طويلاً، وعلمت أن مسألة رعاية الشؤون متعلقة بالمبدأ المطبَّق، ونظرت فإذا بالمبدأ الرأسمالي الفردي يسود العالم، ويحكم أكثرَ دولِه، وليست مسألة رعاية الشؤون جزءاً منه، وإن كان بعضها دخيلاً عليه ومن ترقيعاته، ورأيت عجز دوله عن محاصرة وباء الكورونا، وسألت نفسي: هل تستطيع أية دولة من الدول الرأسمالية المعاصرة أن تتصرف بسرعة لو أصاب الوباء آلاف الأشخاص مرة واحدة في تلك الدولة؟
واستحضرت في ذهني المبدأ الإسلامي ورعايته للشؤون، وتحسّرت على دولة المسلمين، راعية شؤونهم حق الرعاية، وأن وظيفة الدولة في الإسلام هي رعاية الشؤون مع تطبيق الإسلام ومع حمله إلى الخارج، وأن رعاية الشؤون حكم شرعي، وصلة روحية بين الحاكم وربه، يخاف أن يسأله الله سبحانه وتعالى عن أي تقصير فيها، فيقوم برعاية شؤون الناس ومعالجة مشاكلهم بوصفها مشاكل إنسانية، لا بوصفها مشكلة اقتصادية أو صحية أو اجتماعية أو غير ذلك، وهذا يعني أن كل اعتبار غير الاعتبار الإنساني لا قيمة له، أي أن المشكلة ليست اقتصادية مثلاً، أي أنه إن وجد مال في بيت المال أو لم يوجد فيجب أن تُرعى الشؤون، خاصة شؤون النوازل والكوارث، ولو اقتضى الأمر أن يُفْرَضَ لها ضريبة إن لم يوجد في بيت المال، وفي حال خشية الضرر تقترض الدولة وتصرف فوراً لرعاية شؤون الناس في الكوارث، وعلى هذا نصت المادة 152 من دستور دولة الخلافة القائمة قريباً بإذن الله: (نفقات بيت المال مقسمة على ست جهات… منها بند (و): الحوادث الطارئة كالزلازل والطوفان يصرف عليها من بيت المال، وإذا لم يوجد يقترض لأجلها المال في الحال ثم يسدد من الضرائب التي تجمع.)، فكم نحن بحاجة إلى هذه الدولة، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وكم تحتاجها البشرية التي أشقاها المبدأ الرأسمالي.
ونحن في ذكرى هدم الخلافة؛ على المسلمين أن يجعلوا إعادة الخلافة قضيتهم المصيرية، ليس لإحسان رعاية الشؤون فحسب، بل لكل شيء، لتطبيق أحكام الله تعالى، وحمل رسالة الإسلام إلى البشرية، وها هو حزب التحرير يعمل لإعادتها، فعلى المسلمين أن يعملوا معه، وأن يؤازروه وينصروه، ليفوزوا بالسعادة في الدنيا، وجنة عرضها السماوات والأرض في الآخرة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
خليفة محمد – ولاية الأردن
#YenidenHilafet
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah