حملة الدعوة الثابتون على الحق
هم أمل الأمة في الخلاص من الواقع الفاسد
الجزء الثالث
أيُّهَا الشَّبابُ: اعلَمُوا أَنَّ أشْرَفَ الأَعمَالِ قَاطِبَةً أَنْ يَمُوتَ المرءُ خَادِماً لِهَذَا الدِّينِ، وَهَذَا مَكْمَنُ العِزِّ كُلِّهِ! لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِ الغُربَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي بَدَأَتْ تَهتَزُّ فِيهَا بَعْضُ الأُصُولِ التِي لَم تَكُنْ فِي يَومٍ مِنَ الأَيَّامِ مِحْوَراً مِنْ مَحَاوِرِ الجَدَلِ عَلَيهَا، وَصَارَ كُلُّ شَيءٍ حَولَنَا غَرِيباً وَعَجِيباً وَمُزرِياً، لَكِنَّنَا إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الشِّرْبِ الأَوَّلِ زَمَنَ النَّبي r وَالصَّحَابَةِ الكِرَامِ، وَاستَمْسَكْنَا بِمَا كَانُوا عَلَيهِ فَأَحْلِفُ بِاللهِ: إِنَّنَا لَمَنصُورُونَ.
أيُّهَا الشَّبابُ: لَقَد قَسَّمَ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ فِي سُورَةِ الوَاقِعَةِ إِلَى ثَلاثَةِ أَقسَامٍ، فَقَرَّبَ مِنهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ وَصَفَهُمْ “بِالسَّابِقِينَ” وَوَعَدَهُم بِجَنَّاتِ النَّعِيم حَيثُ قَالَ: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾. (الواقعة10-12). وَذَكَرَ بِأنَّ هَؤُلاءِ عَدَدُهُمْ قَلِيلٌ، حَيثُ قَالَ: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾. (الواقعة 13-14). وَهَؤُلاءِ القَلِيلُونَ هُمُ الصَّفوَةُ مِن جَمِيعِ بَني البَشَرِ، مُنذُ أَنْ خَلَقَ اللهُ آدَمَ إِلى يَومِنَا هَذَا، وَكانَ جُلُّ صَحَابَةِ حَبِيبِنَا مُحَمَّدٍ عَلَيهِ أفْضَلُ الصَّلاةِ وَأَتَمُّ التَّسلِيمِ، مِنْ هَؤُلاءِ الصَّفوَةِ القَلِيلِينَ، حَيثُ لاقَوا عَذَاباً شَدِيداً، فَصَبَرُوا، وَلَمْ يَبقَ مِنْ هَؤُلاءِ الصَّفوَةِ القَلِيلِينَ إلَّا أَقلُّهُم فِي أَيَامِنَا هَذِهِ. فَكُونُوا أَيُّهَا الشَّبَابُ مِنْ هَؤُلاءِ أَقَلِّ القَلِيلِينَ عَدَداً مِنْ صَفْوَةِ النَّاسِ، وَلا تَرضَوا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ! وَالسَّبيلُ إلى ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ مِن خِلال ثَباتِكُمْ أَمَامَ هَؤُلاءِ الذِينَ يَصُدُّونَكُمْ عَنْ حَمْلِ الدَّعْوَةِ، مِنَ القُضَاةِ وَالحُكَّامِ الذِينَ بَاعُوا إنسانيتهُمْ – إنْ وُجِدَتْ – لِلشَّيطَانِ! وَلْتَعلَمُوا أَنَّ هَذَا الزمان هُوَ زمانكم كَي تَفُوزُوا بِهَذَا المقَامِ عِندَ اللهِ! أَلا تَرَونَ أَنَّ اللهَ أَكرَمَكُمْ بِأنْ وَهَبَكُمْ فُرصَةَ الانضِمَامِ لِفِئَةِ السَّابِقِينَ؟! لِيَنظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا إِلَى حَيَاتِهِ التي يَعيشُها، هَل تَمُرُّ عَلَيهِ فُرْصَةٌ مِثلُ هَذِهِ الفُرصَةِ التي نَعيشُها الآنَ؟! صَبرٌ عَلَى الأَذَى قَلِيلٌ في هذه الحياة الدنيا الفانية، وَبَعدَهُ في الآخرة أجرٌ عِندَ اللهِ عَظِيم! ﴿فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾. وَاللهِ يَا شَبَابُ، لَنَكُونَنَّ مِنْ هَؤلاءِ الصَّفوَةِ الأَخيَارِ “السَّابِقِينَ” الذِينَ وَصَفَهُمُ اللهُ فِي سُورَةِ الوَاقِعَةِ، إِنْ نَحنُ ثَبَتْنَا عَلَى مَبدَئِنا! وَاللهِ يَا إخوَتِي، إنَّني أُحِسُّ بِأَنَّ اللهَ يُحبُّنَا فَابتَلانَا، وَأنَّه يُريدُ أَنْ يَصطَفِي إِليهِ الصَّابِرينَ مِنَّا وَالثابِتِينَ عَلَى الحقِّ.
أيُّهَا الشَّبَابُ: يَقُولُ الإِمَامُ الغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: إِنَّ صَوَابَ الفِكْرَةِ لَا يَكُونُ سَبَباً كَافِياً لِانتِصَارِهَا، وَصِحَّةَ المَنْهَجِ لَا تَعنِي وُجُوبَ النَّصْرِ، وَطَبِيعَةَ الحَقِّ لَيْسَتْ بِالضَّرُورَةِ دَلِيلاً عَلَى التَّمكِينِ لَهُ، فَمَا لَم يُصَاحِبْ كُلَّ ذَلِكَ: حَمَلَةٌ أَوفِيَاء، وَقَادَةٌ أَذكِيَاء، وَحُرَّاسٌ أيقَاظٌ، وَأَسلِحَةٌ فِي مُستَوَى التَّحَدِّي الَّذِي يُوَاجِهُهُ؛ لِأَنَّهُ قَد يَكُونُ الحَقُّ مَعَكَ، وَلَكِنَّكَ لَا تُحسِنُ الوُصُولَ بِهِ، وَلَا تُجِيدُ الدَّوَرَانَ مَعَهُ حَولَ مُنعَطَفَاتِ الطَّرِيقِ؛ لِتَتَفَادَى المآزِقَ، وَتَتَخَطَّى العَقَبَاتِ، وَتَبلُغَ بِهِ مَا تُرِيدُ، وَقَد يَكُونُ البَاطِلُ مَعَ غَيرِكَ، وَلَكِنَّهُ يُلبِسُهُ ثَوبَ الحَقِّ، ثُمَّ يُجِيدُ الانطِلَاقَ مَعَهُ، وَيُبدِعُ فِي استِخْدَامِ الوَسَائِلِ الملائِمَةِ؛ لِدَفْعِهِ إِلَى الأَمَامِ حَتَّى يَصِلَ بِهِ إِلَى حَيثُ يَنبَغِي أَنْ يَصِلَ الحَقُّ.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ محمد النادي
#YenidenHilafet
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah