مع الحديث الشريف
الألوية والرايات -2
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى الترمذي في سننه قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَقَ وَهُوَ السَّالِحَانِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ قَال سَمِعْتُ أَبَا مِجْلَزٍ لَاحِقَ بْنَ حُمَيْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضَ
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أحبتنا الكرام:
هذا الحديث الشريف يبين لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم استعمل في حروبه الراية واستعمل اللواء، فما هي الراية وما هو اللواء؟
المعنى اللغوي: جاء في القاموس المحيط لمعنى الراية ومعنى اللواء:
في مادة (رَوِيَ): (…… والراية: العَلَم، ج: رايات ….)
في مادة (لَوِيَ): (….واللواء بالمد: العَلَم، ج ألوية). وعليه فإن معنى الراية ومعنى اللواء في اللغة واحد هو: العلم.
ثم إن الشرع جعل لكل منهما من حيث الاستعمال معنى شرعياً على النحو التالي:
اللواء: أبيض ومكتوب عليه “لا إله إلا الله، محمد رسول الله” بخط أسود
وهو يعقد لأمير الجيش أو قائد الجيش، ويكون علامة على محله، ويدور مع هذا المحل حيث دار، ودليل عقد اللواء لأمير الجيش ما رواه النسائي عن أنس: (أنه صلى الله عليه وسلم حين أمَّرَ أسامة بن زيد على الجيش ليغزو الروم عقد لواءه بيده).
الراية: سوداء، ومكتوب عليها: “لا إله إلا الله محمد رسول الله” بخط أبيض. وهي تكون مع قواد فرق الجيش: (الكتائب، السرايا، ووحدات الجيش الأخرى).ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان قائد الجيش في خيبر، قال: “لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فأعطاها علياً” . فعليٌّ كرم الله وجهه يعتبر حينها قائد فرقة أو كتيبة في الجيش…. وجاء في كتاب تفسير الطبري عن الحارث بن حسّان البكري قال: قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم،….. فدخلتُ المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وإذا بلالٌ متقلِّدَ السيف، وإذا رايات سُودٌ. قال قلت: ما هذا؟ قالوا: عمرو بن العاص قدم من غزوته، فمعنى: (فإذا رايات سود) أي أنها كانت رايات كثيرة مع الجيش في حين أن أميره كان واحداً وهو عمرو بن العاص، فهذا يعني أنها كانت مع رؤساء الكتائب والوحدات …
من ذلك فإن رفع الراية واللواء تكون كالتالي:
بالنسبة للجيش:
1- في حالة الحرب القائمة:
أ- إن اللواء يلازم مقر أمير الجيش، والأصل أن يلوى على الرمح، لكن يمكن نشره بعد دراسة الناحية الأمنية.
ب- تكون هناك راية يحملها قائد الميدان، وإذا كان الخليفة في الميدان فيجوز حمل اللواء كذلك.
2- في حالة السلم:
أ- يعقد اللواء لقادة الجيوش، ويلوى على الرمح، ويمكن نشره على مقرات قادة الجيوش.
ب-تكون الرايات منتشرة في الجيش مع الفرق والكتائب والسرايا والوحدات والتشكيلات الأخرى.
ت- يمكن أن تكون لكل فرقة أو كتيبة … راية خاصة تميزها (إدارةً) وترفع مع الراية.
بالنسبة لدوائر الدولة ومؤسساتها ودوائرها الأمنية فإنه ترفع عليها كلها الراية فقط باستثناء دار الخلافة.
دار الخلافة يرفع عليها اللواء على اعتبار الخليفة قائد الجيش شرعاً.
ويجوز أن ترفع عليها مع اللواء الراية (إدارةً) لأن دار الخلافة هي رأس مؤسسات الدولة.
المؤسسات الخاصة والناس العاديون يمكنهم أن يحملوا الراية ويرفعوها على مؤسساتهم وبيوتهم، وخاصة في مناسبات الأعياد والنصر ونحوها.
أما هيئة رفع اللواء والراية:
فإن الأصل في اللواء أن يلوى على طرف الرمح، ولا ينشر إلا لحاجة، فمثلاً ينشر فوق دار الخلافة لأهمية الدار، وكذلك ينشر فوق مقرات قادة الجيوش في حالة السلم لترى الأمة عظمة ألوية جيوشها. لكن إن تعارضت هذه الحاجة مع الناحية الأمنية كأن يخشى أن يتعرف العدو على مقرات قادة الجند، فإن اللواء يرجع إلى الأصل وهو أن لا ينشر بل يبقى ملوياً.
أما الراية فهي تترك لتصفقها الريح كالأعلام في الوقت الحالي، ولذلك توضع على دوائر الدولة.
اللهم أرنا اللواء منشوراً فوق دار الخلافة القادمة، الخلافة الثانية على منهاج النبوة، وراية العقاب ترفرف فوق مؤسساتنا العامة والخاصة، وبأيدي جنودنا يلوحون بها وهم ينشدون هتافات النصر والفتح المبين، وأهازيج الفرح بعودة ما هو محتل من بلاد المسلمين،….عاجلاً غير آجل، برحمتك يا أرحم الراحمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.