صوت المرأة كلمة حق إلى سلطان جائر!
برز دور المرأة في أيام اندلاع ثورة السودان في العام الماضي ورفع الثوار شعار “صوت المرأة ثورة” لتملأ “جداريات الثورة” حوائط الشوارع بصور المرأة سافرة تارة وترتدي زياً “وطنياً” تارة أخرى لترسل كل هذه الجداريات رسائل ذات مغزى خبيث؛ فالهدف أن المرأة المسلمة في السودان قد “تحررت” فصوتها لم يعد “عورة”! فالإسلام عند العلمانيين “يكبت” المرأة ويمنعها من رفع صوتها لأنه “عورة” ويفرض عليها تغطية جسدها ويمنعها من إظهاره لكل من هب ودب أو تكون “فتنة” و”أكثر أهل النار”! ويعتقد هؤلاء أن الإسلام يعتبر خروج المرأة من بيتها جريمة فلا الخروج للتعليم مسموح ولا للعمل يجوز! ويرون أن المرأة “مذلولة” عليها الجلوس في البيت يضربها زوجها ويُعنفها ويهددها بالتعدد حتى تتأدب وتستقيم! فالإسلام يقر لمثل هذا الرجل الجاهل بالأحكام الشرعية أفعاله! ويرى هؤلاء العلمانيون، ومنظماتهم ونسوياتهم، أن على المرأة أن تخرج من بيتها كما تشاء وتلبس ما تشاء وتختلط بمن تشاء وأنه ليس للرجل حق القوامة عليها أو النفقة وأيضاً ليس لزوجها حق الطاعة عليها وأن “جسدها ملك لها”، فالحقوق والواجبات في علاقة المرأة بالرجل يحددها الفكر الغربي العلماني الفاسد والذي يضرب بأوامر الخالق عز وجل ونواهيه عرض الحائط! لذلك سعوا في إلغاء قانون الأحوال الشخصية الذي مصدره الشرع وأن يستبدلوا به قوانين “اتفاقية سيداو” الغربية الخبيثة التي تبيح الشذوذ والإجهاض والعري والزنا، وسعوا إلى إلغاء قانون النظام العام والزي الشرعي، وسعوا إلى عدم تجريم الدعارة وشجعوا على اتخاذها مهنة بحجة الحرية والتمكين والاستقلالية، وكلها قرارات تصب في انحدار المرأة المسلمة وسقوطها سريعا إلى هاوية الكفر كما حصل مع المرأة الغربية في أمريكا وأوروبا.
والمتابع يجد أن هؤلاء الثائرات اليوم وبعد عام من اندلاع الثورة لم يتغير حالهن ولم يتحسن وضعهن الاقتصادي ولم تتحقق مطالبهن، بل زادت المشاكل؛ فالمرأة الآن بعد الثورة أصبحت مستباحة، وتُحارَب في لقمة عيشها وعليها أن تنفق على أهلها وعلى نفسها ولا تجد زوجاً صالحاً يرعاها بعد أن انتشرت الأفكار الخاطئة بأن على المرأة العمل والإنفاق والولادة والقيام بأعباء البيت! وتعقدت الحياة؛ ذلك لأن قضاياهن الحقيقية ورعاية شؤونهن بتطبيق شرع الله وتحديد الحقوق والواجبات الشرعية وتوضيح ما للمرأة وما عليها، وعلى الرجل وعلى المجتمع وعلى الدولة والحاكم، كل ذلك لا يهم إطلاقاً النظام العلماني الذي ينفذ أجندات أمريكية وبريطانية لعلمنة السودان، فما يهم الحكومة هو أن تشارك المرأة في كرة القدم وأن تصبح وزيرة رياضة أو وزيرة تتسول منظمات المجتمع المدني وتخرج في مواكب لا نهاية لها! تغير الحال من سيئ إلى أسوأ!
والصحيح أن مبدأ الإسلام العظيم، عقيدة ونظاماً، غير مطبق في نظام الحكم منذ أن هدمت دولة الخلافة في عام 1924م، وأن الإسلام ليس مسؤولاً عن ضنك العيش وعن المشاكل الكثيرة المختلفة التي تملأ حياة الناس اليوم والتي سممت حياة المرأة وقضّت مضجعها ودمرت أسرتها، فلا يجب توجيه أصابع الاتهام إلى الإسلام ما دام النظام الحاكم في بلاد المسلمين هو نظام علماني رأسمالي فاشل يحكم بنظام الكفر الرأسمالي الذي هو سبب الفقر والفساد والجهل والظلم الواقع على المرأة وعلى الرجل. بل الحل يكمن في إسقاط هذه الحكومات العميلة للكفار وللعلماء دور كبير في توعية المرأة المسلمة وفي عودتها إلى الله تعالى، فعندما ثارت المرأة في السودان ثارت ضد تجار الدين وضد الظلم والذل وضد الأوضاع الاقتصادية المزرية، وخرجت لتقف بجانب الرجل يدا بيد لتحقيق التغيير ولنهضة الناس لا أن تنافسه وأن تزاحمه، لم تثر ولم تخرج إلى الشارع ليسرق العلمانيون والعلمانيات لاحقاً ثورتها، وعلى المرأة أن تفهم أن الخلاص وأن التغيير الجذري يتحقق فقط بالمطالبة بتطبيق الإسلام كاملاً وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة مرة أخرى، فصوت المرأة المسلمة حين ترفعه بالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر هو كلمة حق إلى سلطان جائر وأفضل الجهاد، ويصبح بالإسلام ثورة إيمانية حقيقية تؤدي إلى نتائج ملموسة وفعلية يحفظها الله تعالى ولا يمكن لأي متسلق أن يسرقها ولا يستطيع أن يخدع المرأة بشعارات تضليلية ضد الشرع، فالإسلام قد أعطى للمرأة المسلمة كافة حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية قبل عصور من أن تقوم للعلمانية قائمة! وفي الذكرى الـ99 لهدم دولة الخلافة التي تمر على المسلمين في يوم 28 رجب المحرم 1441هـ، الموافق 23 آذار/مارس 2020م ندعو المسلمات للعمل الجاد مع حزب التحرير على طريقة رسول الله ﷺ للخروج من حلقة “الثورة” الحالية المفرغة التي لم تتعد أن تكون مجرد “جدارية” على حائط منسي لا يمثل عقيدة المسلم ولا نظام حياته الإسلامي.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة محمد حمدي – ولاية السودان
2020_03_20_Art_The_woman_voice_is_a_right_word_to_an_unjust_Sultan_AR_OK.pdf