مع الحديث الشريف
دائرة الصناعة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى مسلم في صحيحه قال: وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ كِتَابِ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ حِينَ سَارَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ يُخْبِرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ يَنْتَظِرُ حَتَّى إِذَا مَالَتْ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ
أحبتنا الكرام:
في هذا الحديث يحرض الرسول المسلمين على الجهاد إذ يخبرهم بأن الجهاد هو طريق الجنة …. كما يبين الحديث تحري الرسول للوقت المناسب لبدء المعركة وتوجهه لله تعالى بالدعاء وسؤاله النصر، فيعلم المسلمون أن الأخذ بالأسباب من الأحكام التي يجب إيلاؤها كل الاهتمام حتى تتحقق الغاية من الجهاد وهي فتح البلاد ونشر الإسلام، وما يستفاد منه حرص الإسلام على الجهاد بتحريض المؤمنين عليه، وترغيبهم فيه، ثم تعليمهم تحري كل ما يعين عليه ويساهم في تحقيق غايته … فالجهاد هو الطريقة الشرعية لحمل الدعوة إلى الإسلام فمن المعلوم من الدين بالضرورة أن الجهاد ذروة سنام الإسلام، ذلك أن الإسلام رسالة عالمية للناس كافة …. كلف بحملها الرسول صلى الله عليه وسلم، كما كلف المسلمون بحملها من بعده صلى الله عليه وسلم …. ولم يكتف الإسلام بتكليف المسلمين بحمل الدعوة إلى الإسلام، بل بين لهم كيفية حمل الدعوة أي طريقة حمل الدعوة، بأنها الجهاد، تقوم به الدولة. يقول تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (244) البقرة
ويقول: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (36) التوبة
ومن الأخذ بالأسباب من قبل الدولة في إعدادها للجهاد …. توفير الأسلحة اللازمة للقتال بكافة أنواعها: … الخفيفة والثقيلة، الآلية والأوتوماتيكية وحتى الذرية والنووية … فالله تعالى يقول: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ)
وتوفيرها بشكل مؤثر في القتال لا يكون بشرائها من الخارج بل بتصنيعها محلياً في داخل الدولة ، حتى لا تقع الدولة تحت رحمة الدول التي تشتري منهم السلاح حين تدخل معركة وتحتاج لكميات متزايدة من السلاح والذخيرة وقطع الغيار …. ما قد يرهن قرارها بإعلان الجهاد، وقدرتها على الاستمرار في القتال عند تلك الدول عن طريق تحكم تلك الدول بأنواع وكميات الأسلحة وقطع الغيار والذخيرة التي تبيعها للدولة عدا عن الشروط التي قد تشترطها عليها بما قد يؤثر على قدرة الدولة على القيام بفرضية الجهاد وحمل الدعوة …. لذا كان من المهم أن تصنع دولة الخلافة أسلحتها وكل ما تحتاج إليه من آلة الحرب ومن قطع الغيار بنفسها وأن تواصل تطوير أسلحتها لتواكب بل تتفوق على أي دولة أخرى في قدرتها العسكرية، وهذا يتطلب منها أن تتبنى الصناعة الثقيلة، وأن تبدأ أولاً بإنتاج المصانع التي تنتج الصناعات الثقيلة، الحربية منها وغير الحربية، فلا بد أن يكون لديها مصانع لإنتاج السلاح الذري والمركبات الفضائية ولإنتاج الصواريخ والأقمار الصناعية والطائرات والدبابات والمدافع والسفن الحربية والمركبات المصفحة بأنواعها والأسلحة الثقيلة والخفيفة بأنواعها ويكون لديها مصانع لإنتاج الآلات والمحركات والمواد والصناعة الإلكترونية، وكذلك المصانع التي لها علاقة بالملكية العامة والمصانع الخفيفة التي لها علاقة بالصناعات الحربية
والحاصل أن دولة الخلافة وهي دولة حاملة للدعوة الإسلامية بطريقه الدعوة والجهاد فإنها ستكون دولة دائمة الاستعداد للقيام بالجهاد، وهذا يقتضي أن تكون الصناعة فيها ثقيلة أو خفيفة مبنية على أساس السياسة الحربية حتى إذا ما احتاجت إلى تحويلها إلى مصانع تنتج الصناعة الحربية بأنواعها سهل عليها ذلك في أي وقت تريد … ولذا يجب أن تبنى الصناعة كلها في دولة الخلافة على أساس السياسة الحربية وأن تبنى جميع المصانع سواء التي تنتج الصناعات الثقيلة أو تنتج الصناعات الخفيفة، وسواء أكانت هذه المصانع من نوع المصانع التي تدخل في الملكية العامة أو المصانع التي تدخل في الملكية الفردية ولها علاقة بالصناعات الحربية …. على أساس هذه السياسة ليسهل تحويل إنتاجها إلى الإنتاج الحربي في أي وقت تحتاج الدولة إلى ذلك.
والدائرة التي تتولى جميع ما يتعلق بالصناعة في دولة الخلافة القادمة بإذن الله هي دائرة الصناعة …. وهي ليست تابعة لأمير الجهاد بل تتبع للخليفة مباشرة كأي جهاز من أجهزة الدولة.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.