الرأسمالية لعبت دورا كارثيا في تفاقم وباء كورونا
(مترجم)
الخبر:
كشفت عناوين الأخبار أن “دونالد ترامب تلقّى تحذيراً في نهاية كانون الثاني/يناير من أحد كبار مستشاريه بالبيت الأبيض بأن فيروس كورونا لديه القدرة على قتل مئات الآلاف من الأمريكيين وإفشال الاقتصاد الأمريكي، ما لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة على الفور”. (الجارديان)
التعليق:
بعد يومين من كشف الإصابة الأولى في ولاية واشنطن، ظهر دونالد ترامب على الهواء على قناة سي إن بي سي وتفاخر قائلا: “إن الوضع تحت السيطرة تماماً. إنه شخص واحد قادم من الصين. وسيكون كل شيء على ما يرام”. وما إن جاء الـ29 من شباط/فبراير، وبعد ما يقرب من ستة أسابيع من تأكيد أول حالة فيروس كورونا في البلاد، وضعت إدارة ترامب هذه النصيحة موضع التنفيذ، وسمحت للمختبرات والمستشفيات أخيراً بإجراء اختبارات خاصة بها لتسريع العملية. إن الأربعة إلى الستة أسابيع الضائعة في مواجهة المرض ستكون لها عواقب مدمرة تدل على السياسة الفاشلة، حيث إنه مؤخرا تم تأكيد أكثر من 400 ألف حالة عبر الولايات المتحدة.
وقال رون كلاين، الذي قاد معركة مكافحة إيبولا في عام 2014، أمام لجنة في جامعة جورج تاون مؤخراً: “ستدرس استجابة الولايات المتحدة لوباء كورونا لأجيال كمثال على جهود فاشلة وفاسدة”، وأضاف “ما حدث في واشنطن كان فشلا ذريعا بأبعاد لا تصدق”. جيريمي كونيندسيك، الذي قاد استجابة الحكومة الأمريكية للكوارث الدولية في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الفترة من 2013 إلى 2017، يحدد الأسابيع الستة الماضية بعبارات مماثلة بشكل لافت للنظر. وقال لصحيفة الغارديان: “نشهد في الولايات المتحدة واحدة من أكبر إخفاقات الحوكمة والقيادة الأساسية في العصر الحديث”. وقد تحدث الرئيس، الذي كان لديه أكثر من نصف العين على بورصة نيويورك، تحدث باستمرار عن حجم الأزمة. وفي 30 كانون الثاني/يناير، وبينما كانت منظمة الصحة العالمية تعلن حالة طوارئ عالمية، قال ترامب: “ليس لدينا سوى خمسة أشخاص. نأمل أن يكون كل شيء رائعاً”.
على مدى فترة أسبوعين عاديين، كنا نتوقع تقديم حوالي نصف مليون عامل أمريكي مطالبات للتأمين ضد البطالة. ولكن على مدى الأسبوعين الماضيين، رأينا ما يقرب من 10 مليون ملف. إن الولايات المتحدة تواجه كارثة اقتصادية لا تصدق كما هو الحال في بقية العالم. والسؤال هو ما إذا كانوا مستعدين للتعامل مع هذه الكارثة؟ تشير الدلائل إلى أن العالم الرأسمالي بأسره قد يتعامل مع كارثة اقتصادية سريعة الحدوث بنفس السوء الذي تعامل به مع الوباء السريع الانتشار الذي سببها. الأخبار هي أن قانون كيرس بـ2 تريليون دولار (قانون فيروس كورونا، والمعونة والإغاثة والأمن الاقتصادي) الذي مرره الكونغرس الأسبوع الماضي، يوفر، على الورق، الكثير من دعم الحياة الاقتصادية. والأخبار السيئة هي أنه يبدو كما لو أنه قد يستغرق أسابيع، وربما حتى شهور، قبل تدفق مبالغ كبيرة من الأموال لأولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة في الوقت الحالي.
كزعيم لأمة ديمقراطية، فإن دونالد ترامب قد فشل. فالنظام الرأسمالي الذي يركز على الفرد ويدير ظهره للمحتاجين سبّب هذا الفشل. وكان نواب الكونجرس الأمريكي يدركون أن الخطر قادم ولكنهم باعوا ملايين الدولارات من أسهمهم وأسهمهم المحتملة قبل أن تهبط سوق الأسهم الأمريكية إلى أدنى مستوى تاريخي لها. حيث إنهم تلقوا إحاطات لجنة مجلس الشيوخ حول خطر كوفيد-19، بيد أنهم أبلغوا البلاد أن كل شيء تحت السيطرة عندما لم يكن الأمر كذلك. وقالت صحيفة نيويورك تايمز عن النواب الجبناء: “كان بإمكانهم أن يحدثوا فرقا، ولكنهم حققوا أرباحا!”. هذه هي قصة كل بلد يدير شؤونه النظام الرأسمالي الذي من صنع الإنسان، فالرأسماليون يستغلون الناس والديمقراطية لنزواتهم بغض النظر عن التكلفة، وفي سياق الجائحة الحالية فإنه كالعادة لم يتم فعل سوى القليل جدا للناس باستثناء تحقيق الربح لنخبة قوية من 2-3٪ من العالم.
لقد تعامل الرأسماليون مع هذه القضية على ثلاث مراحل؛ الأولى هي إخفاء الموضوع، والثانية هي الحجر الصحي والإغلاق الجزئي، والثالثة هي العزلة الكاملة تقريباً في المنازل. من خلال تنظيم هذه العلاجات الثلاثة، اتضح أنها لا تحل المشكلة، بل تزيد من فشل الاقتصاد أكثر، ثم تزيد من هذا المرض والملل ونفاد الصبر الذي يصيب الناس، كما سمعنا عن حالات في جميع المجتمعات الرأسمالية.
لذلك فإن العلاج الصحيح لهذا المرض هو كما جاء في شريعة الله؛ أن تتابع الدولة المرض من بدايته وتبذل قصارى جهدها وتقدم كل مواردها لحصر المرض في أصله، ويستمر الأصحاء في المناطق والمدن الأخرى بالعمل والإنتاج.
جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن أسامة بن زيد أن النبي r قال: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا». فعلى الدولة في الإسلام أن تحصر المرض في مكانه ويجب على سكان المنطقة البقاء فيها، ويمنع دخول الآخرين عليهم، وأن تقوم بواجباتها الشرعية لأنها دولة رعاية وإخلاص.
وهكذا، فإن الإجراء الصحيح هو عزل المرض المعدي في مكانه وحجر المرضى وتوفير المتابعة مع الرعاية والعلاج مجانا، بينما الأصحاء يستمرون في العمل وتستمر الحياة الاجتماعية والاقتصادية على عكس الحياة المشلولة اليوم. لا أن يبقى الناس معزولين في منازلهم مما يتسبب في شل الحياة الاقتصادية، مما يزيد من حدة الأزمة وتنشأ مشاكل أخرى.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عادل
#كورونا | #Covid19 | #Korona