هل تنجح أمريكا في عرقلة تنفيذ المصفوفة للمرة الثانية؟
قال السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء السوداني البراق النذير الوراق يوم السبت 2020/04/18م (لن يتم إعلان حكام الولايات اليوم، لأن رئيس الوزراء لا يزال يجري مشاورات مع قادة الجبهة الثورية) سودان تربيون.
إنها المرة الثانية التي يعجز فيها ربيب السفارة الإنجليزية؛ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عن تنفيذ المصفوفة الخاصة بإكمال هياكل الحكم للفترة الانتقالية والتي تبقى منها أهم ركيزتين هما: تعيين الولاة والمجلس التشريعي، وكانت المرة الأولى للفشل في تنفيذ المصفوفة عقب توقيع الوثيقة الدستورية في آب/أغسطس 2019م حيث نصت المصفوفة على إكمال هياكل الحكم خلال ثلاثة أشهر وإلى اليوم لم تكتمل تلك الهياكل.
ثم كانت المرة الثانية بعد اجتماعات استمرت أسبوعين أعلن مجلسا السيادة والوزراء وقوى إعلان الحرية والتغيير في بيان مشترك صدر يوم الأحد 2020/04/12م عن توصلهم إلى مصفوفة حددت يوم 18 من الشهر الحالي موعداً لتكليف ولاة مدنيين في كل ولايات البلاد، وتشكيل المجلس التشريعي في 9 أيار/مايو المقبل.
لقد أعطى رجال أمريكا في الجيش قوى إعلان الحرية والتغيير والتي يغلب عليها الولاء للإنجليز، أعطتهم سلطة ناقصة، ولم يكتفوا بذلك بل إنهم يضعون العراقيل أمام هذه السلطة الناقصة إمعاناً في إفشالها حتى يستردوها منهم، ومن ذلك عملهم بعرقلة إكمال مؤسسات الحكم، لأن اكتمال المؤسسات يمكّن رجال الإنجليز من كثير من مفاصل السلطة في القضاء والتشريع والخدمة المدنية والإعلام وغيرها… ومن عمل رجال الجيش لإفشال السلطة أنهم قبل أن يتفقوا مع قوى الحرية والتغيير على الوثيقة الدستورية حددوا جوبا لتكون منبراً للتفاوض، وعلى طريقة وضع اليد كوّن العسكر وفداً برئاسة حميدتي وبدأوا في مفاوضات مع الحركات المسلحة؛ الجبهة الثورية وهي كيان نشأ مرتبطاً بجوبا وإن كان يضم حركات دارفور؛ حركة جبريل وحركة مناوي… وقد استخدمت أمريكا الجبهة الثورية لعرقلة إكمال مؤسسات الحكومة الانتقالية حتى إنهم اعترضوا على الوثيقة الدستورية: (رفضت الجبهة الثورية السودانية الصيغة الحالية لوثيقة الإعلان الدستوري الموقعة أمس في الخرطوم بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، وبررت الجبهة في بيان لها هذا الرفض بعدم إدراج رؤية السلام الموقعة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في وثيقتي الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري). موقع الجزيرة نت 2019/08/05م واعترضت على تشكيل مجلس الوزراء قبل توقيع اتفاق سلام معها وإشراكها في غنائم ما بعد سقوط البشير!! وجعلوا من توقيع اتفاقية سلام معهم شرطاً لإكمال مؤسسات الحكومة الانتقالية.
وبذلك تأخر إكمال مؤسسات الحكومة عدة أشهر، فلا هي تملك الجرأة بإغلاق ملف السلام المزعوم وإكمال مؤسساتها والالتفات إلى القضايا الحقيقية التي ثار من أجلها الناس وكانت سبباً في جلوسهم على كراسي السلطة معوجة القوائم هذه، ولا هم استطاعوا إرضاء الحركات المسلحة وتوقيع اتفاق معها.
وهم الآن عندما أعلنوا عن مصفوفتهم هذه ردت عليهم الجبهة الثورية برفضها لها بأسلوب التحدي واليد العليا. أورد موقع راديو دبنقا يوم الاثنين 2020/04/13م: (أعلن المجلس الرئاسي للجبهة الثورية السودانية رفضه للمصفوفة التي خرج بها الاجتماع الثلاثي للسيادي والوزراء و(قحت) مساء السبت ومقاومته تلك المصفوفة، وأعلنت الجبهة في بيان عقب اجتماع مجلسها الرئاسي بمدينة جوبا يوم الاثنين رفضها تعيين الولاة والمجلس التشريعي ووصفته بأنه خرق لإعلان جوبا، واتهم البيان قوى الحرية والتغيير بالخرطوم بأنها ترغب في الغنائم وإقامة تمكين جديد، ولا ترغب في السلام وتكرر أخطاء الماضي، وأعلنت الجبهة الثورية في بيانها أنها تدرس تكوين جسم آخر للحرية والتغيير إلى حين توحيد المؤسسين لقوى الحرية والتغيير على أسس صحيحة بعد تحقيق السلام، وطالب البيان حكومة السودان الانتقالية بإرسال نتائج الاجتماع الثلاثي الذي خرج بالمصفوفة يوم السبت كتابة حتى يتم الرد عليها كتابة، وأكد البيان أنه بدون السلام لن تكتمل الثورة).
وبعد أن أرسلت المصفوفة إلى الجبهة الثورية كتابة جاء ردها تعجيزياً معرقلاً لمسعى الحكومة، فقد أورد موقع باج نيوز يوم السبت 2020/04/18: (وهددت الجبهة، بوقف التفاوض بمنبر جوبا مع الحكومة السودانية الانتقالية إذا أصرت الحكومة على تنفيذ قرارها القاضي بتعيين الولاة وتشكيل المجلس التشريعي في المواقيت المضروبة، دون مراعاة لموقف الجبهة الثورية وأولوية السلام، وطالبت الجبهة في خطابها للحكومة السودانية الانتقالية عبر وساطة دولة جنوب السودان فيما يتعلق بتعيين ولاة الولايات اطلع عليه (باج نيوز) بأن تكون شريكة في وضع أسس ومعايير الاختيار، وطرفاً في آلية اختيار الولاة وتشكيل المجلس التشريعي وعبر آلية متفق عليها، واعتبرت أن المصفوفة التي بني عليها قرار تعيين الولاة وتشكيل المجلس التشريعي “الذي أفضى إلى خرق إعلان جوبا لبناء الثقة والتمهيد للتفاوض” كتبت في غياب الجبهة الثورية، رغم أنها شريك أصيل في صناعة الثورة، وفي عملية السلام، وعضو مؤسس في قوى الحرية والتغيير، ودعت الجبهة في ردها إلى ضرورة إعادة المصفوفة إلى طاولة الرسم لتشارك الجبهة في إنتاج مصفوفة معدّلة تأخذ في الاعتبار آراء الجبهة الثورية، بجانب آراء الشركاء الآخرين، واقترحت تكوين آلية تشمل الجبهة في عضويتها بجانب الأطراف التي أنتجت المصفوفة).
على خلفية ذلك قرر الاجتماع الثلاثي بين مجلسي السيادة والوزراء وقوى إعلان الحرية والتغيير، بالقصر الجمهوري الأحد 2020/04/19م، قرر تأجيل تعيين الولاة لفترة أسبوع لمزيد من التشاور مع الجبهة الثورية.
إن أساس هذه المشكلة والسبب في كل تعقيداتها هو تهافت قوى إعلان الحرية والتغيير على سلطة منقوصة أصبحت مدخلاً لصراع سياسي دولي على البلاد سيؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى فشلهم في حل مشاكل البلاد وتحقيق أجندة العباد مما يغري رجال أمريكا في الجيش بإعادة الكرة واستلام السلطة مرة أخرى من جديد، ما لم يقل المخلصون من أهل القوة والمنعة كلمتهم فيسلموا السلطة للحزب الواعي سياسياً؛ حزب التحرير، وهو لن يستلم سلطة منقوصة بل سلطة كاملة قادرة على قلب الأوضاع رأساً على عقب ليصل الإسلام إلى سدة الحكم بإقامة الخلافة الراشدة، حيث يقوم الخليفة بتعيين الولاة وتنتخب الأمة مجلساً للأمة يعبر عنها، ويخضع الجميع لحكم الشرع من لدن لطيف خبير. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المبارك عبد الله – ولاية السودان
2020_04_20_Art_Will_America_succeed_in_blocking_the_implementation_of_the_matrix_AR_OK.pdf