مع الحديث الشريف
الصيام لي وأنا أجزي به-3
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في “باب هل يقول إني صائم إذا شتم”.
حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام بن يوسف عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء عن أبي صالح الزيات أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه“.
أيها الأحبة الكرام:
ما الذي أراده الله لنا في هذا الحديث؟ ماذا أراد أن يقول لنا رب العالمين عز وجل؟ وما الرسالة التي يمكن أن نفهمها من هذا الحديث؟ لا شك أن الحديث يلفت النظر إلى أمور كثيرة، ولكن قوله صلى الله عليه وسلم “والصيام جنة” يذكرنا بأمر مهم في حياة الأمة، فحبيبكم محمد صلى الله عليه وسلم كما أخبركم أن الصيام جنة، فهو أيضا أخبركم بأن الإمام جنّة، فهو حماية ووقاية تماما كالدرع الحامي للمقاتل في ساحة الوغى.
أيها المسلمون:
وفي هذا الإخبار طلب من المسلمين أن يكون لهم درع وحماية يحفظهم من الأخطار والأعداء، تماما كما أخبر صلى الله عليه وسلم صحابته أن مدينة هرقل ستُفتح أولا عندما سئل أي المدينتين تفتح أولا؟ فهل أخذ الصحابة الكرام الخبر مجرد إخبار وانتهى الأمر عند الخبر؟ بالطبع لا، فقد هبّ محمد الفاتح وأعد العدّة لمجرد أنه سمع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “لنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش جيشها” وهكذا عندما يقول صلى الله عليه وسلم الصيام جنّة، فهذا إخبار أن صوموا أيها المسلمون لتحموا أنفسكم من المعاصي والوقوع في النار. فكما أن الإنسان يحمي نفسه من المعاصي ومن النار إذا صام، فهو أيضا يحمي نفسه من الأعداء ومن الوقوع في الشرك فهو جنة وحماية؛ لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس بعضهم من بعض، ويحمي بيضة الإسلام، ويتقيه الناس ويخافون سطوته، وقد ربط الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بين الجُنتين في موضع آخر حيث قال: “الصيام جنّة، كجنة أحدكم من القتال“. وهذه الحماية جاءت من الأمة نفسها، حيث أنها تنيب عنها بما تملك من مقومات من يطبق فيها شرع الله، فتحمي نفسها، ولكن أين الجنة اليوم؟! أين الإمام الذي يحميها ويطبق فيها شرع الله، ويتابع صيامها وفطرها؟!
اللهمَّ عاجلنا بخلافة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم