الرسالة الثانية
إطلالة شهـر رمضان
تذكرنا بأمجادنا وانتصاراتنا
الحَمدُ للهِ الذي فَتحَ أبوَابَ الجِنَانِ لِعبَادِهِ الصَّائمينْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشرَفِ الأنبيَاءِ وَالمُرسَلينْ، المَبعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالمينْ، وَآلهِ وَصَحبهِ الطيِّبينَ الطَّاهرينْ، وَمَنْ تبِعَهُ وَسَارَ عَلى دَربهِ وَاهتدَى بهَديهِ وَاستَنَّ بسُنَّتهِ، وَدَعَا بدَعوَتهِ إلى يَومِ الدِّينْ.
أحبتنا الكرام: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد: إليكم الرسالة الثانية من “الرسائل الرمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية”، وهي بعنوان: “إطلالة شهر رمضان تذكرنا بأمجادنا وانتصاراتنا”.
إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:
يُهِلُّ عَلينَا هِلالُ رَمَضَانَ في كُلِّ عَام، يُذكِّرُنَا بتاريخِنَا وَانتصَارَاتِنَا، يُذكِّرُنَا بيَومِ اليَرمُوكِ، وَيَومِ القادِسيَّةِ، فإذا اليَرمُوكُ يَروي أعدَاءَنَا بمِيَاهِهِ العَذبَةِ، وَإذا القادِسيَّةُ صَارَتْ هَدَفاً لِلغارَاتِ الأمريكيَّةِ، لَيسَ ذلكَ فحَسْبْ، بَـلْ حَشَدَتْ جُيُوشَهَا، وَأبحرَت بمُدمِّرَاتِهَا، وَحَرِّكَتْ أسَاطيلهَا، وَاتَّجَهَتْ صَوبَ الشَّامِ لِتُصلِـيَهُ بغارَاتِ طـَيَرَانِهَا، وَتفجيرَاتِ صَوَاريخهَا، وَلِتَصُبَّ عَلى المُسلمينَ نِيرَانَ حِقدِهَا الدفين، وَهِيَ في زَعْمِها تُريدُ محاربة (الإرهاب).
وَالحَقيقة أنَّ هُناكَ أهدَافاً أخرَى خَفيـَّة تريدُهَا أمريكا، تُريدُ أنْ تـَزيدَ مِـنْ تَـفَرق المُسلمينَ، وَأنْ تَحُولَ دُونَ عَودَةِ دَولـَةِ الخِلافـَةِ إلى الحُـكم، التي تَلمُّ شعْثَ المُسلمينَ وَتجمَعُ شملَهُمْ، لِتَضْمَنَ لِنفسِهَا الهَيمَنةَ وَالبـَقاءَ، وَترسِيخَ النُّـفُوذِ لأمَدٍ طويلٍ. إنَّهَا تُريدُ أنْ تضَعَ يَدَهَا عَلى كُلِّ الطَّاقَةِ التي في الخليجِ، لِتستأثرَ بهَا، وَلتتحَكَّمَ بالدُّولِ الصِّناعيَّةِ التي لا غِنى لهَا عَنِ الطَّاقَةِ. فمَا هُوَ مَوقِفُ المُسلمينَ مِنْ إخوَانِهمُ المُستضعفينَ في فلسطينَ وَفي العِرَاقِ وَفي الشام وفي كُلِّ أرضٍ يُذكـَرُ فيهَا اسمُ اللهِ؟ فهَلْ مَا زَالتْ رَابطَةُ العَقيدَةِ تَربِطُ بَينَ المُسلمينَ فـَيَنصُرُ بَعضُهُمْ بَعضاً؟ أمْ أنهُمْ أصبَحُوا مُكبَّـلينَ بالأغلال يَصدُقُ فيهمْ قولُ الشَّاعِر:
فبَعدَ كِيَـانِ إيمَـانٍ غَـدَونَا كِيَانَاتٍ شَدِيدَاتِ السَّـــوادِ
تَزعَّـمَ كُـلَّ وَاحِـدَةٍ عَمِيلٌ وَكُرهُهُمُو لِشَرعِ اللهِ بَــادِ
وَهَذا الحَالُ إذ يُنبيـكَ عَنهُمْ خَزايَا خَانِعِينَ لِكُـلِّ حَــادِ
يُطِلُّ عَلينَا شَهرُ الصِّيامِ في كُلِّ عَامٍ، فإذا أمَّةُ الإسلامِ مَدُوسَةٌ تحَتَ الأقـدَام، لا تكادُ تَنتَهيَ مِنْ مُصيبةٍ حَتَّى تنزلَ بهَا مُصيبَةٌ أشَدُّ عَلى يَـدِ أعدَائهَا وَعَلى أرْضِهَا وَفي بلادِهَا، وَبَينَ الحِينِ وَالحين يُعلـِنُ عَـدُوُّهَا الحَربَ عَليهَا، لا لِشيءٍ إلاَّ لأنَّهَا مُتمَسِّـكةٌ بإسلامِهَا وَدِينـِهَا.
إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:
مُنذ أنِ انتهَى الاتحَادُ السُّوفييتيُّ عَقَدَ بُوشُ الأبُ اجتمَاعًا لِدولِ حِلفِ الأطلسيِّ، وَقالَ لهُمْ: “لقدِ انتهَينَا مِنْ عَدُوِّ الشَّمَالِ، وَالآنَ يَجبُ أنْ نَتـَوَجَّهَ إلى عَدُوِّ الجَنُوبِ، إلى المُسلِمينَ فهُمْ أخطَرُ عَلينَا مِنَ الاتِّحَادِ السُّوفييتيِّ”! وَأخَذ يَضَعُ المُخطَّطاتِ لِلقضَاء عَلى الإسلامِ، باعتبَارهِ المَبدَأ الوَحيدَ الذي يَتعَارَضُ مَعَ الرَّأسمَاليَّةِ الكافرَةِ. وَقـَدْ جَاءَ وَلـدُهُ بُوشُ الابنُ يُنفِّـذ مَا خَطـَّطَ لـَهُ أبُوهُ، فاصطنَعَ فِكرَةَ (الإرهَابِ)، وَاتخذهَا وَسيلةً لِضَربِ كُلِّ دَولَةٍ مُسلِمَةٍ، وَهَا هُوَ مَاضٍ فِي تَنفِـيذِ خُطَّتِهِ.
وَجَاءَ بَعدَهُمَا أُوبَامَا وَترامب فسَارَا عَلَى الدَّربِ نفسِهِ، بل وأعرب الأخير بكل صراحة ووقاحة عن طمع الغرب عموماً، وأمريكا على وجه الخصوص في نهب ثروات المسلمين، وطاوعه في ذلك حكامهم الأنذال.
اللهُمَّ أقـِرَّ أعْيُنَنَا بـِقيَامِ دَولةِ الخِلافَة، وَاجْعلْنـَا مِنْ جُنُودِهَا الأوفِياء المُخلِصينْ.
وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتهُ.