Take a fresh look at your lifestyle.

تأملات قرآنية (4) الدعاء من أفضل العبادات

 

tam 27 04 2020

 

 

 

 

تأملات قرآنية (4)

 

الدعاء من أفضل العبادات

 

 

 

إخواننا الكرام، أخواتنا الكريمات:

أيها المؤمنون والمؤمنات: الصائمون والصائمات:

 

أحبتنا الكرام :

 

 

نحييكم بأطيب تحية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله القائل في محكم كتابه وهو أصدق القائلين: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) والصلاة والسلام على رسول الله القائل: “إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين”. ثم أما بعد: فتعالوا معنا أحبتنا الكرام، وهلم بنا نحن وإياكم نتجه إلى مائدة القرآن الكريم نتأمل ونتدبر آياته جل وعلا عسى أن ينفعنا ويرفعنا بما فيه من الذكر الحكيم إلى أعلى الدرجات في جنات النعيم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

ومع الآية السادسة والثمانين بعد المائة من سورة البقرة. يقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾. ﴿ البقرة 186﴾

 

الدُّعاء له منزلةٌ عظيمةٌ في الإسلام؛ فهو من أفضل العبادات؛ ولهذا جاءت نصوص كثيرة في القرآن الكريم وسنَّة نبينا صلى الله عليه وسلم تدل على فضل الدُّعاء. فأقول وبالله تعالى التوفيق: معنى الدُّعاء: الدُّعاء: هو إظهار غاية التذلُّل والافتقار إلى الله، والاستكانة له؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني (جزء 11 صفحة 98)

 

معاشر المؤمنين والمؤمنات:

 

الدُّعاء وصية رب العالمين: حثَّنا الله تعالى على الدُّعاء في آيات كثيرة من كتابه العزيز. قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾. (البقرة 186) قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله وإذا سألك يا محمد عبادي عني: أين أنا؟ فإني قريبٌ منهم، أسمع دعاءهم، وأجيب دعوة الداعي منهم؛ (تفسير الطبري – جـزء 3 – صـفحة 222).

 

وأقول: في هذه الآية الكريمة نلحظ أمرين اثنين: الأمر الأول: أن الله تعالى أخبر نبيه بأمر غيبي سيحدث مستقبلًا، ووقع فعلًا فقال: (وإذا سألك عبادي عني) لأن (إذا) كما يقول علماء اللغة ظرف لما يستقبل من الزمان. فحدث أن جاء نفر من المشركين فقالوا لنبينا محمد  صلى الله عليه وسلم: يا محمد، أقريب ربك فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟؟ فنزلت هذه الآية الكريمة. أما الأمر الثاني، فهو أن الآيات الأخرى كان يذكر فيها الفعل: (يسألونك) ثم يأتي الجواب بفعل الأمر: (قل) مثل قوله تعالى: (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي)، ومثل قوله تعالى: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير). أما في هذه الآية الكريمة فلم يأت في جوابها فعل الأمر (قل) أي لم يقل الله سبحانه: “فقل إني قريب” بل قال: (فإني قريب) للدلالة على كثرة وشدة قرب العبد من مولاه، وسرعة إجابة الله لدعاء العبد دون وساطة بين الداعي وهو العبد، والمدعو وهو الله تعالى.

 

وقال نخبة من المفسرين: يقول الله جل في علاه مخاطبًا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: وإذا سألك أيها النبي عبادي عني فقل لهم: إني قريب منهم، أُجيب دعوة الداعي إذا دعاني، فليطيعوني فيما أمرتهم به، ونهيتهم عنه، وليؤمنوا بي، لعلهم يهتدون إلى مصالح دينهم ودنياهم. وفي هذه الآية إخبار منه سبحانه عن قربه من عباده، القرب اللائق بجلاله.   

 

وقال سبحانه: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ (النمل 62) قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ (النمل 62)؛ أي: مَن هو الذي لا يلجأ المضطرُّ إلا إليه، والذي لا يكشف ضرَّ المضرورين سواه؛ (تفسير ابن كثير – جزءـ 6 – صـفحة 203)

 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: ينبِّه تعالى أنه هو المدعوُّ عند الشدائد، المرجوُّ عند النوازل؛ كما قال: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ﴾. (الإسراء 67)، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾. (النحل 53) وقال جل شأنه: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾. (غافر 60)

 

قال الإمامُ ابن كثير رحمه الله: هذا مِن فضله تبارك وتعالى وكرمه؛ أنه ندَب عباده إلى دعائه، وتكفَّل لهم بالإجابة؛ (تفسير ابن كثير – جزء 7 – صفحة 153) وقال سبحانه: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾. (الأعراف 55، 56)

 

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: “ادعوا أيها الناسُ ربَّكم وحده، فأخلصوا له الدُّعاء دون ما تدعون من دونه من الآلهة والأصنام”. قوله: ﴿تَضَرُّعًا﴾ (الأعراف 55)؛ أي: تذللاً واستكانةً لطاعته، ﴿وَخُفْيَةً﴾ (الأعراف: 55)؛ أي: بخشوع قلوبكم، وصحة اليقين منكم بوحدانيته فيما بينكم وبينه، لا جِهاراً مراءاةً، وقلوبكم غير موقنةٍ بوحدانيته وربوبيته، فِعْلَ أهل النفاق والخداع لله ولرسوله؛ (تفسير الطبري – جزءـ 10 – صفحة 247)

 

معاشر المؤمنين والمؤمنات: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة:

 

 

اللهم اجعل شهر القرآن الكريم هذا، شهر عز ونصر وتمكين للإسلام والمسلمين بقيام دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة، واجعلنا اللهمَّ ممَّن يتدبرون آياتك، فيأتمرون بأمرك، وينتهون عن نهيك: يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويقدرونك حق قدرك، ترضى عنهم، ويرضون عنك، واجعلنا اللهم ممن تقبلت منهم الصلاة والصيام، والدعاء والسجود والقيام، ومن عتقائك في هذا الشهر الكريم من النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.