الرسالة الرابعة
الاستعداد لاستقبال شهر رمضان
الحَمدُ للهِ الذي فَتحَ أبوَابَ الجِنَانِ لِعبَادِهِ الصَّائمينْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشرَفِ الأنبيَاءِ وَالمُرسَلينْ، المَبعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالمينْ، وَآلهِ وَصَحبهِ الطيِّبينَ الطَّاهرينْ، وَمَنْ تبِعَهُ وَسَارَ عَلى دَربهِ وَاهتدَى بهَديهِ وَاستَنَّ بسُنَّتهِ، وَدَعَا بدَعوَتهِ إلى يَومِ الدِّينْ.
أحبتنا الكرام : السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد: إليكم الرسالة الرابعة من “الرسائل الرمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية”، وهي بعنوان: “الاستعداد لاستقبال شهر رمضان”.
إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:
شهر رمضان المبارك شهر القرآن شهر المغفرة والرحمة أولّه رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عِتقٌ من النار، بارك الله لنا ولكم بهذا الشهر العظيم وأعاننا جميعاً على حُسن صيامه وقيامه ووفّقنا للعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وجعلنا من عتقائه وممن يخرج منه وقد غفر الله تعالى ذنوبه وتقبّل منه اللهم آمين.
ومع قدوم رمضان المبارك فإن الأجدر بالمسلمين أن يكونوا قد استعدوا لاستقبال هذا الشهر المبارك استقبالا يليق به. أما كيف يكون استعدادهم لهذا الشهر العظيم فهو بأن يقفوا وقفة محاسبة ودراسة واعتبار، فيحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسَبوا، وليسأل كلٌ منا نفسه:
- ماذا قدّم كل واحدٍ منا لإسلامه حتى الآن؟
- هل أحيا ما اندرس من أحكام الإسلام؟
- وهل أمات بدعة، وأحيا سنة؟
- وهل أمر بمعروف، ونهى عن منكر؟
- وهل حمل دعوة الإسلام؟
- وهل شارك في العمل لإعادة خلافة الإسلام؟ أو أنه رضي بأن يكون مع الخوالف الذين تقاعسوا عن العمل لتطبيق الشريعة الإسلامية، ورضوا بأن يحيوا في ظل شرائع الكفر؟
إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:
لم يَبق كأسُ ذلٍ إلاَّ وسقاهُ أعداءُ الله لنا، ولم يَبقَ سلاحٌ إلاَّ وجرَّبهُ أعداءُ الله علينا. ولكن الذي يحزُّ بالنفس، ويُدمي القلب، أن كثيرًا من أبناء المسلمين ينشغلون في إعداد أنواع المأكولات والمشروبات على مائدة الإفطار، وكثير منهم مستغرقون في نوم وسبات عظيمين، وكأنهم لا يدركون الغاية التي خلقوا من أجلها، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾. (الذاريات56)
والعبادة بمفهومها الشامل والكامل لا تقتصر على الصلاة والصيام، والزكاة والقيام، والحج وتلاوة القرآن فحسب بل بالإضافة إلى ذلك كله تشمل كل ما ذكرناه آنفًا، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحياء سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإماتة البدع التي أحدثها الناس في دين الله بعد موته صلى الله عليه وسلم، وحمل الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية، والمشاركة في العمل لإعادة خلافة الإسلام، والعمل لتطبيق الشريعة الإسلامية كاملة في الحياة، وعدم الرضا، بل ورفض العيش في ظل شرائع الكفر؟
هكذا يجب أن نستعد، وهكذا يكون الاستعداد لاستقبال هذا الشهر المبارك.
اللهُمَّ أقـِرَّ أعْيُنَنَا بـِقيَامِ دَولةِ الخِلافَة، وَاجْعلْنـَا مِنْ جُنُودِهَا الأوفِياء المُخلِصينْ.
وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتهُ.