لا تتخذوا أعداء الله وليجة
يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: 14-16]
قاتلوهم، مستعينين بالله وحده، هكذا ابتدأت هذه الآيات الكريمة وهكذا اختتمت، ابتدأت بالأمر بالقتال، واختتمت بالنهي عن الاستنصار بغير الله ورسوله والمؤمنين.
إن أمر القتال لجلل، وإن دربه لشائكة، وسبله صعبة، فقد يكون لدى العدو طائرات ترمي بالصواريخ، وقد يكون لدى العدو قنابل فسفورية، وقد يكون لدى العدو آلات دمار شامل، فينال من المؤمنين نيلا يملأ قلوبهم غيظا، فيهم قوم من المؤمنين أو ممن اندس بين المؤمنين وقد بلغ بهم الحال مبلغا عظيما بأن يتخذوا من دون الله ورسوله والمؤمنين وليجة، أي دخيلة من الاستنصار بعدوهم، والركون إليهم، والدخول في مخططاتهم، إما من باب الحرص على الدنيا وبيع الآخرة بعرض من الدنيا، أو من باب العمالة والخيانة لله ولرسوله، فكانت الحرب وكان القتال بيئة تمحص المؤمنين تمحيصا، فمنهم من يثبت على الحق وبالحق يعلو، وإن امتلأ قلبه غيظا، وإن أصابته البأساء والضراء، ولكنه يثبت ولا يستنصر إلا بالله، ولا يستعين إلا بالله، ولا يكنّ لأعداء الله إلا الحقد والبغض ولا يتخذ منهم إلا موقف المقاتلة لهم، ليكون أداة يعذب الله بها أعداءه، ومنهم من يتخذ من أعداء الله وليجة، ويظن النصر بأيديهم، فيمد يده إلى مالهم السياسي الآتي من السعودية وقطر والأردن وتركيا، ومعه الإملاءات والخطوط الحمراء والمفاوضات والهدن ومد النظام بأسباب الحياة وهو في غرفة الإنعاش، وعلى سرير الموت، ويمد يده لأعداء الله من الأمريكان والروس فينفذ مخططاتهم، ويسير وفق مشاريعهم، فيذهب إلى جنيف، ويجتمع بوفود الطاغية ليشكل حكومة نصفها امتداد لحكومة الطاغية، ونصفها الثاني كرزايات لا يملكون تصرفا ولا قرارا، فتشقى بهم الشام، وتنقلب كما كانت تحت ظل النظام المجرم، حارسة مخلصة لكيان يهود ولمصالح أمريكا، حربا على الإسلام وأهله.
فيا أيها المؤمنون الصابرون الذين اختارهم الله ليقاتل بهم الكفار، ويعذب بهم أعداءه، وينصر بهم دينه، ويعز بهم الإيمان، ويرفع بهم كلمته، ويعلي بهم راية نبيه r السوداء، راية العقاب، ولواء نبيهم محمد r الأبيض، الذي كان يعقده لقادة جيوشه وهو يوجههم فاتحين باسم الله معلين لواء دينه، أيها المؤمنون الصابرون: لا تتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة، مهما اشتدت بكم الخطوب، وادلهمت وحلكت بكم الدروب، فإنما سيتنزل عليكم بصبركم هذا أمر عظيم، أمر انتظره رسول الله r وصحابته النجب الكرام ثلاثة عشر عاما، ملؤها الكفاح، والصبر والابتلاء والقهر والتعذيب والمقاطعة والشهادة، هذا الأمر العظيم هو نصر الإسلام، سيتنزل عليكم بإذن الله تعالى بصبركم وبأنكم لا تستنصرون إلا الله، ولا تنصرون إلا دينه، ما أخرجكم إلا نصرة دينه، وانقيادكم لنبيه r، ولم تخرجكم إلا الغيرة على دينكم وحرمات ربكم، ولم يخرجكم إلا إعظامكم لشعائر ربكم، ولم تخرجوا إلا لتكون كلمة الله تعالى هي العليا، فاثبتوا، وقاتلوا عدو الله، ينصركم الله عليهم، ويشف صدوركم، ويذهب غيظ قلوبكم، ويعزكم ويعلي مقامكم، وينصر بكم دينه.
والحمد لله رب العالمين