مع الحديث الشريف مَنْ حَالَتْ شَفاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ “. رواه أبو داود في سننه.
جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود ( قوله صلى الله عليه وسلم ( رَدْغَة الْخَبَال ) : قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ طِين وَوَحْل كَثِير. وَقَالَ فِي الْأَصْل الْفَسَاد، وَجَاءَ تَفْسِيره فِي الْحَدِيث أَنَّ الْخَبَال عُصَارَة أَهْل النَّار)
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: ( فإن الحكم بين الناس يكون في الحدود والحقوق وهذا قِسمه الأول ويجب إقامته على الشريف والوضيع والضعيف ولا يحل تعطيله، لا بشفاعة ولا بهدية ولا بغيرهما ومن عطّله وهو قادر على إقامته فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً وهو ممن اشترى بآيات الله ثمناً قليلاً، ولهذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا بد من إمارة برة كانت أو فاجرة. فقيل: يا أمير المؤمنين هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة؟قال: يُقام بها الحدود وتؤمّن بها السبل ويجاهد بها العدو ويقسم بها الفيء ) .
إن حكام هذا الزمان بعدم حكمهم بما أنزل الله وهم قادرين على ذلك، وبتعطيلهم إقامة الحدود الشرعية وهم قادرين على ذلك، وبتعطيلهم الجهاد في سبيل الله وهم قادرين على ذلك، وبرفضهم نصرة دين الله وهم قادرين على ذلك، استحقوا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، واستحقوا خلعهم عن سدة الحكم فهم لا يُقيمون إلا الحدود المصطنعة بين المسلمين، ولا يقاتلون إلا المسلمين الذين عصم الله دماءهم ولا يُؤمّنون السبل إلا للكفار يعيثون في البلاد والعباد الفساد، يستأثرون بالثروات والمليارات وشعوبهم جياع وكأن تلك المليارات من كدّهم وكدّ آبائهم وأمهاتهم، إن هؤلاء الحكام الخونة اللصوص لن يُطيح بهم إلا العمل الجاد مع العاملين لإقامة دولة الخلافة والتي تُقيم الحدود وتُؤمّن السبل وتجاهد في سبيل الله لحمل الإسلام رسالة إلى الناس كافة.