الشيخة حسنية ترضي أسيادها في الولايات المتحدة من خلال تسليم 5158 كيلومتر مربع من بنغلادش إلى شركة الطاقة “كونوكو فيليبس” الأمريكية العملاقة
في 16 يونيو/ حزيران 2011 سلمت حكومة الشيخة حسينة 5158 كيلومتر مربع من أراضي بنغلادش إلى شركة الطاقة كونوكو فيليبس الأمريكية العملاقة من خلال التوقيع على عقد غير شرعي لتقاسم الإنتاج مع الشركة مقابل استكشاف الغاز غير المكتشف في المياه العميقة في خليج البنغال، وهذه هي المرة الثانية التي تسمح فيه الحكومة لشركات متعددة الجنسيات تعمل في مجال الغاز بدخول البلاد، فقد كانت الحكومة قد عقدت عقدا آخرا مثيرا للجدل في 16 مايو/ أيار 2011 مع الشركة الدولية الاسترالية “سانتوس للنفط” العملاقة للسماح لها ببيع الغاز إلى المستهلكين الأجانب، ومجموع الاحتياطي المقدر من حقول الغاز البحرية هو 14 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وهو ما يزيد على 90 ٪ من احتياطي البلاد من الغاز، وبهذا العقد فقد أوفت حكومة الشيخة حسينة بأهم التزاماتها تجاه أمريكا مقابل اتفاق حل الوسط بين الولايات المتحدة وبريطانيا والهند الذي أدى إلى إيصال الشيخة حسينة إلى الحكم عام 2008.
لقد حبا الله سبحانه وتعالى بنغلادش بوافر من موارد الطاقة الضخمة بما في ذلك الغاز ذو الجودة العالية واليورانيوم والفحم والليثيوم، ومنذ عام 1965 كانت الشركة الحكومية ” بنغلادش للبترول” تدير تلك الموارد لإنتاج وتوزيع الغاز للاستهلاك المنزلي والصناعي ولإنتاج الأسمدة والكهرباء، وفي الواقع فإنّ ما يقرب من 83 ٪ من إنتاج الكهرباء يتم من خلال الغاز كمادة خام، وقد كانت الشركة المزودة للطاقة للمستهلكين ناجحة بشكل لافت للنظر، ومع ذلك فإنّه خلال فترة الحكم السابقة للشيخة حسينة (1996-2001) وبعد ذلك في فترة حكم خالدة ضياء (2001-2006) كانت الشركات الأجنبية وخاصة شركات الولايات المتحدة والشركات الأوروبية والهندية تضغط بقوة على الحكومة البنغالية للسماح لهم بالهيمنة على قطاع الغاز في بنغلادش، وهذه الشركات والحكومة البنغالية والمثقفون ادعوا أنّ احتياطي الغاز الفعلي للبلاد يصل من 40 إلى 50 تريليون قدم مكعب، وذلك من أجل الترويج إلى نظرية أنّ البلاد لديها ما يكفي من احتياطي الغاز، ويمكن بيع هذا الغاز إلى دول أجنبية، وكان الهدف النهائي هو تضليل الرأي العام وإبطال أي غضب شعبي قد يحدث نتيجة السماح للولايات المتحدة وأوروبا والهند وشركات الطاقة متعددة الجنسيات بالانخراط في التنقيب وإنتاج وتوزيع وبيع الغاز داخل وخارج البلاد، وبالتالي إشراك شركة اوكسيدنتال (الولايات المتحدة)، وشيفرون (الولايات المتحدة)، ونيكو (الشركة الكندية)، وآسيا للطاقة (المملكة المتحدة)، والعلامة للطاقة (المملكة المتحدة)، وغيرها في قطاع الغاز في بنغلادش، وقد تم تقسيم البلاد بأسرها إلى 23 جزءا و 6 قطاعات بحرية للسماح لهذه الشركات الأجنبية بالعمل في توزيع الاستكشاف والإنتاج للغاز، بيد أنّه كان لهذه الشركات أثرٌ مدمرٌ على مستقبل قطاع الغاز في بنغلادش، فانخراط شركة نيكو واوكسيدنتال في الحوادث الكبرى التي حصلت في البلاد، حيث تم هدر أكثر من 725 مليون دولار قيمة الغاز الذي اشتعلت فيه النيران، ناهيك عن الكارثة البيئية التي تسببت بها!
بعد انتخابات عام 2001، ادعت الشيخة حسينة أنّه “لم أستطع أن آتي إلى السلطة في الانتخابات العامة عام 2001 لأني لم أوافق على منح موارد البلاد للشركات الأجنبية”، هذا هو الواقع المرير للنظام الديمقراطي، الحكام يعلنون صراحة عن هيمنة الامبريالية على العملية السياسية في البلاد! وعلى أي حال فأيا كان هراء حسينة في تمجيد ذاتها الوطنية فإن الواقع هو أنّ هؤلاء الحكام غير مخلصين لبلادهم، وليس لديهم ذرة من الشجاعة للوقوف في وجه القوى الإمبريالية.
خلال فترة حكم الحكومة المؤقتة السابقة والتي كانت مدعومة من قبل الجيش بزعامة الدكتور أحمد فخر الدين، عبد البنك الدولي، واصلت الشركات الأمريكية مطالبتها بالمشاركة ليس فقط في مجال استكشاف وإنتاج وتوزيع الغاز في بنغلادش، بل أيضا للسماح لها ببيع الغاز إما إلى طرف محلي ثالث أو للمشترين الأجانب، فحكومة الدكتور فخر الدين في عام 2008 وتحت إملاءات السفير الأمريكي جيمس موريارتي أعادت صياغة عقد تقاسم الإنتاج للسماح لشركات أجنبية لاستكشاف وبيع الغاز حتى إلى أطراف ثالثة، وفي عام 2010 صاغت حكومة حسينة “السياسة الوطنية للغاز لعام 2010” مع السماح للشركات من بيع الغاز حتى إلى الشركات الأجنبية، وهكذا أعطيت شركة سانتوس الدولية الاسترالية، وكونوكو فيليبس الأمريكية الآن هذا التصريح.
الاتفاق مع كونوكو فيليبس يمكّن الشركة من الحصول على 80 ٪ من الغاز، في حين أنّ الشركة الحكومية البنغالية ستحصل على 20 ٪ فقط من الغاز! وعلاوة على ذلك ووفقا لعقد الشركة البنغالية فإنّه يمكنها شراء أي كمية من الغاز من شركة كونوكو فيليبس تصل إلى 100٪ بسعر السوق الدولي، والذي يعادل 290 ٪ من سعر السوق المحلية الحالية! ومع ذلك لا تزال الشيخة حسينة تشكك في لقاءاتها العامة في ولاء الذين يعارضون هذا العقد! علاوة على ذلك فقد تساءلت عن “أكثر الناس وطنية في البلاد؟” فأجابت “إنني الشخص الأكثر وطنية في البلد!”
إنّ الأمة في بنغلادش تسأل الشيخة حسينة أنّه إذا كانت خالدة ضياء جاءت إلى السلطة عام 2001 بتعهدها بموارد البلاد للشركات الأجنبية، فكم تعهدت أنت لتعودي إلى السلطة في انتخابات عام 2008؟ في الواقع إنّ تعهداتك البرية والبحرية والجوية وطريق العبور إلى الهند، والتواطؤ في المؤامرة الهندية لتدمير جيش بنغلادش المسلم، وموافقتك على إزالة ما يقرب من 20 ٪ من غابات البلاد بأسرها، واعتماد سياسة التعليم العلماني 2010، وسن سياسة وطنية غير إسلامية لإفساد المرأة 2011، وحظر الأحزاب السياسية الإسلامية، وحظر الحجاب، ومنح الولايات المتحدة القاعدة البحرية الوحيدة في البلاد، والسماح بقاعدة عسكرية ومطار للولايات المتحدة في بنغلادش، والسماح لقاعدتين للسي أي إيه في بنغلادش، والآن شركة كونوكو فيليبس لبيع الغاز، كل ذلك يوضّح ما كنت قد تعهدت به يا حسينة للولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والهند، من الذين عقدتي معهم صفقة تسوية لإحضارك إلى السلطة كما ذكرت وثائق ويكيليكس!
والناس يتساءلون لماذا علينا شراء الغاز من بلدنا بالأسعار الدولية؟ ثم ما هو المنطق الذي دفعك لنهب مواردنا في حين يمكننا استخدام أموالنا في شراء نفس الغاز من بلدان أخرى! بل الدافع ليس سوى المنافسة بينك وبين خصمك خالدة ضياء في التشبث بالسلطة، وقد تم توقيع العقد فقط عندما قامت خالدة ضياء بزيارة إلى الولايات المتحدة قبل أسبوعين فقط! وهكذا تحاولين تعزيز ثقة الأمريكيين بك.
لكن، لتعلمي يا حسينة وليعلم الغرب بأنّه من اللحظة الأولى لعودة الخلافة فستعتبر كل تلك العقود لاغيه وباطلة، وسوف يتم تقديمك للعدالة ومعاقبتك على غدرك للأمة!
جعفر محمد أبو عبد الله
دكا ، بنغلاديش