الصائم مع القرآن والسنة – الصائم الرحيم بالمؤمنين العزيز على الكافرين
أوجبَ اللهُ سبحانَه وتعالى على المؤمنِ أنْ يكونَ ذليلاً على المؤمنينَ، أيْ رؤوفاً رحيماً لَيِّناً هَيِّناً عليهم، وليست من الذل الذي هو الهوان.
وأوجبَ سبحانهَ على المؤمنِ أن يكونَ عزيزاً على الكافرينَ، أي شديداً غليظاً، قالَ اللهُ سبحانهَ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }.
وقال الله سبحانه وتعالى: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ }.
وقد أمرَ الله سبحانه وتعالى رسولَه الكريمَ أن يخفضَ جَناحَهُ لمن اتبعه من المؤمنين، أي أنْ يُلِينَ جانبَه لهم ويرفقَ بهم، فقال جلَّ مِنْ قائلٍ: { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } وقال أيضاً: { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }.
ونهاه عن الغلظةِ مع المؤمنين، فقال سبحانه: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }.
وأمرَه أن يكونَ غليظاً شديداً على الكفارِ والمنافقين، فقالَ سبحانه: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }.
روى النعمانُ بنُ بشيرٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليهِ وسلمَ قال: ( مَثَلُ المؤمنينَ في تَوادِّهِمْ وتراحُمِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إذا اشتكى منه عضوٌ تَداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى ) . وقال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ: ( أهلُ الجنةِ ثلاثةٌ: ذو سلطانٍ مُقْسِطٌ متصدقٌ مُوَفَّقٌ، ورجلٌ رحيمٌ رقيقُ القلبِ لكلِّ ذي قُرْبَى ومسلمٍ، وعفيفٌ متعفّفٌ ذو عِيالٍ ).
والرحمةٌ بالمؤمنين واجبةٌ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ ) فحرمانُه من الرحمةِ قرينةٌ على وجوبِ الرحمةِ بالمؤمنين، وكذلك في ما رواهُ أبو هريرةَ رضي الله عنه، قال: سمعتُ أبا القاسمَ صلى الله عليه وسلم، وهو الصادقُ المصدوقُ يقولُ: ( إنَّ الرحمةَ لا تُنْزَعُ إلاّ مِنْ شَقِيٍّ ).
وأولى الناسِ بالرفقِ والرحمةِ بالمؤمنينَ مَنْ وَلاّهُ اللهُ تعالى شيئاً من أمرِ هذه الأمةِ، قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ: ( اللهم مَنْ وَلِيَ منْ أمرِ أمتي شيئاً فشقَّ عليهم فاشقُقْ عليه، ومَنْ وَلِيَ من أمرِ أمتي شيئاً فَرَفِقَ بهم فارفِقْ به ).
فَمنْ أولى من الصائم بأنْ يكونَ رحيماَ بإخوتهِ المؤمنينَ، رفيقاً بهم، رؤوفاً بهم، يَحوطُهم بحنانِه، ويَصِلُهم بِبِرِّهِ وإحسانِهِ، وفي الوقت نفسِه يكونَ شديداً على الكافرينَ والمنافقينَ؟؟