خبر وتعليق عواقب الاستعانة بالاجنبي والتحالف مع عملائه
في 28/9/2011 نشرت صحيفة الغارديان البريطانية لرئيس المجلس العسكري لمدينة طرابلس عبدالحكيم بلحاج قال فيها:” ما يقلقنا هو محاولات الاقصاء التي يمارسها بعض العلمانيين، وإسلاميو ليبيا اكدوا التزامهم بالديمقراطية ورغم هذا فان البعض يدعون لاقصائهم وتهميشهم وكأنهم يدفعون الاسلاميين الى تبني الخيار غير الديمقراطي، لكننا لن نسمح بهذا فكل الليبيين شركاء في هذه الثورة ويجب ان يشاركوا جميعا في بناء البلاد”. ومن قبل في 13/9/2011 نشرت شبكة الجزيرة مقابلة مع الشيخ علي الصلابي عضو الاتحاد العالمي الاسلامي وهو قيادي في الثورة الليبية فهاجم شخصيات علمانية في اللجنة التنفيذية للمجلس الانتقالي في ليبيا فقال:” لن يسمح الليبيون لاحد بعد اليوم بان يتكالب على ثروتهم او يطمس هويتهم او يحاربهم في دينهم”. وقال:” ليبيا دخلت في عهد جديد وعهد ديمقراطي نؤمن فيه بالنقد وبالحرية ونؤمن بحق الآخرين في ان ينقدونا كما اننا نحن ايضا من حقنا ان ننتقد ونتحدث ونتكلم ولن نسمح لقلة قليلة من المتطرفين العلمانيين بان يدخلوا ليبيا في نفق جديد أسوأ من الذي أدخلنا فيه القذافي منذ الاربعين عاما”.
التعليق: في تعليقنا على هذه الاقوال نريد ان نبين الحقائق التالي:
1.لقد ضُبع ثلة من ابناء الامة بالغرب وبافكاره ونظمه وبطراز عيشه ومنها العلمانية والديمقراطية فحمل قسم منهم الحب والولاء والاحترام والتقدير للغرب، وانحرفوا عن فكر الأمة فبدؤا يمقتون الدين ومن يتقيد به ويعتبرونه رجعيا ومدعاة للتأخر. ولذلك يقف العلمانيون والديمقراطيون في وجه حملة الدعوة وحركاتهم الاسلامية التي تدعو لتطبيق الاسلام ويحاربونها بكل ما أتوا من قوة. ومن هؤلاء من كان في مركب الطاغية القذافي وكان شريكا له في طغيانه وفي معادته للدين ومحاربة الاسلام والاحزاب الاسلامية. ولم يتغيروا فهم كالقذافي في السوء وفي التفكير وفي العمالة. فكان التحالف معهم وقبولهم في المجلس الانتقالي وكمتنفذين في الثورة مخالفة شرعية وكلعب القمار بمصير البلاد.
2.هؤلاء المنحرفون مدعومون من قبل القوى الغربية التي قبل البعض من المسلمين الاستعانة بها للتخلص من نظام القذافي. وهذه القوى الغربية ما تحركت متظاهرة بحماية المدنيين الا لتمنع سقوط نموذج وطبيعة نظام علماني اقامه المستعمر في ليبيا للحفاظ على مصالحه الاستعمارية. سواء كان على رأسه القذافي او كان شخص آخر، فلا يهمهم الشخص وانما يهمهم طبيعة النظام ان يكون علمانيا حتى يكون مرتبطا بهم. فما تحركت هذه القوى الا لذلك ولئلا يأتي نظام رشيد يستند الى فكر الامة يعمل على تحرير الامة من ربقة الاستعمار. فتحرير الامة يتم بأمور ثلاثة: احدها ازالة سيادة الكفر وهي الآن متمثلة بالمبدأ الرأسمالي الذي يستند الى العلمانية والديمقراطية وتطبيقه على الناس في دولة، وثانيها ازالة سلطان الكفر المتمثل بالقوى الغربية او الناتو، وثالثها المباشرة فورا بتطبيق الاسلام وحده في البلد. فسلطان الكفر المتمثل حاليا بالقوى الغربية هو الذي يدعم اذنابه من اولئك العملاء المنحرفين الذين قفزوا من مركب عميل الغرب السابق القذافي الى مركب آخر يريدون النجاة والسيطرة عليه والانقضاض على الثورة وهؤلاء كأمثالهم في جمهوريات اسيا الوسطى فقفزوا من مركب الشيوعية ليركبوا في مركب العلمانية والديمقراطية فانقضوا على السلطة واستمروا في محاربتهم للاسلام.
3.هذه القوى الغربية هي التي كانت تدعم نظام القذافي طيلة 42 عاما؛ فمنها ايطاليا التي كادت ان تبيد شعبنا في ليبيا فترة استعمارها الغاشم، ومنها بريطانيا التي حلت محلها بعد الحرب العالمية الثانية واستمرت في استعمارها إلى ان جلبت القذافي ومن معه الى الحكم لتغير شكل استعمارها الخبيث، ومنها فرنسا التي ابادت مليون ونصف من أهلنا في الجزائر، ومنها امريكا التي دمرت العراق وافغانستان وقتلت وعذبت وهجرت الملايين من اهلنا هناك بجانب القتل والدمار والخراب والجوع الذي احدثته في الصومال؛ هذه القوى التي قبل بعض المسلمين الاستعانة بها، هل يرجى منها خير وهي التي تدعم أولئك المنحرفين الذين تبنوا العلمانية والديمقراطية، وهي التي تعادي الاسلام وتسن القوانين ضده في بلادها مثل منع الاذان والحجاب والنقاب وتضيق على المسلمين في كل شيئ وتمنع عودة الاسلام الى الحكم في بلاد المسلمين وتريد ان تفرض عليها دولة مدنية اي دولة علمانية ديمقراطية؟! فكانت الاستعانة بها مخالفة شرعية كما كانت انتحارا سياسيا كبيرا سيجلب الويلات لاهلنا المسلمين في ليبيا وفي غيرها اذا لم يتداركوا الامر باصرارهم على اقامة حكم الاسلام ورفض العلمانية والديمقراطية. ومثل هذا الخطأ الفادح ارتكبه المسلمون في جهادهم ضد الاتحاد السوفياتي عندما استعانوا بامريكا وبقوى الغرب فجلب عليهم الويلات وما زالوا يئنون تحت وطئتها ولا يقدرون على الخلاص منها.
4. ان بعض المسلمين لديه التفكير الخاطئ بقبول التحالف مع العملاء والاستعانة بقوى الكفر مؤقتا أو مرحليا كما يقولون! فهذا ما كنا نسمعه من اشخاص قائمين على الحركات الاسلامية في افغانستان فقالوا نستعين بامريكا حتى نطرد الروس ومن ثم ننقض على امريكا فنطردها، وفي سوريا سابقا قالوا نتحالف مع القوى غير الاسلامية فأسسوا ما سمي بالجبهة الوطنية عام 1982 مع حركات غير اسلامية، وقالوا نستعين بأنظمة غير اسلامية كنظام صدام في العراق حتى نصل ومن ثم نترك التحالف معهم ونطبق الاسلام، وفي بلاد اخرى قالوا ما يشبه هذا القول . فهذا القول مخالف للشرع ومخالف للواقع ونتائجه وخيمة. فالاسلام يحرم ذلك في العديد من الايات كقوله تعالى:” ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من اولياء ثم لا تنصرون” والرسول صلى الله عليه وسلم حين قال:” لا تستضيؤا بنار المشركين” فانه اعلن دعوته ضد الكفر بكل اشكاله وعمل على ايصال الاسلام وحده الى الحكم واخضع الكافرين لقيادته ولحكمه ورفض اشاركهم في الحكم كما رفض ان يشاركهم في الحكم من قبل عندما عرضت عليه قريش ذلك. ومخالفته للواقع هو ان انظمة الكفر الدولية والاقليمية البرغماتية تفكر مثلما يفكر هؤلاء البرغماتيون من المسلمين فهي تقول نستغل هؤلاء المسلمين مؤقتا او مرحليا ثم نقذفهم جانبا ولا نستخلفهم ولا نمكن لهم دينهم ولا نجعلهم في آمان واستقرار. وهذا ما فعلته امريكا في افغانستان. فهي لديها الامكانيات والقدرات فتستطيع ان تنفذ سياستها كما تريد، والمسلمون لا يستطيعون تنفيذ سياستهم عندما يحتاجون لامريكا وأمثالها للخلاص من عدو جاثم على صدورهم وسيبقون محتاجين لتلك القوى بعد الخلاص من هذا العدو لضعف قوتهم ولقبولهم بفكرة الاستعانة بقوى كافرة حتى يتمكنوا ويبنوا انفسهم كما يقولون فيقعون تحت سيطرة عدو جديد يجفم على صدورهم كالعدو الاول او أشد. فمن يمد يده مرة لا يرى بأسا في ان يمد يده مرات عديدة كلما احتاج!
5. الحديث عن الديمقراطية والقبول بها والإلتزام بها هو قول خطير فهو الذي يمكن قوى الغرب من ان تبقى مسيطرة وهو الذي يبقي على عملاء الغرب يسرحون ويمرحون بل يحكمون البلد. فالديمقراطية تعني ان التشريع للبشر فهي نابعة من العلمانية فهي الطاغوت بعينه التي نهانا الله عن التحاكم اليه، وتعني اعطاء الحرية لاصحاب عقائد الكفر وافكارهم من علمانية وليبرالية وغير ذلك بان يمارسوا العمل السياسي والفكري، وان يشاركوا في الحكم بل ان يحكموا البلد تحت مسمى تداول السلطة. وديننا لا يقبل الا ان يكون التشريع تشريعا اسلاميا يستند الى القرآن والسنة ولا يقبل ان تكون هناك دعوة لاية عقيدة كافرة او لاي فكر كفر. وهو يقبل بوجود الكفار في الدولة الاسلامية كرعايا في الدولة يحملون تابعيتها ويحكمون بالاسلام ولكن لا يسمح لهم ان يشكلوا تنظيمات سياسية مستندين الى عقائدهم وافكارهم وان يدعوا لها. فيسمح لهم ان يبقوا معتقدين بعقائدهم وان يمارسواعبادتهم وزواجهم وطلاقهم ومأكلهم حسب اديانهم. فالقبول بالديمقراطية ورفض عملاء الغرب العلمانيين أمران متناقضان؛ لان الذي يوجد هؤلاء العملاء هو الديمقراطية عندما تمنح الحرية للعلمانيين، لانهم يرفضون ان تكون الدولة مستندة إلى الاسلام، ولانهم لا يمكن الا ان يوالوا تلك القوى الغربية صاحبة المبدأ القائم على العلمانية والديمقراطية. وتقسيم العلمانيين الى متطرفين والى معتدلين خطأ، فكلاهما واحد، فهما يريدان تطبيق العلمانية وابعاد الاسلام عن الحكم، كما هو خطأ تقسيم المسلمين الى متطرفين ومعتدلين فكل مسلم يجب عليه ان يوالي الله ورسوله والمؤمنين فقط، وان يسعى لتطبيق الاسلام ويتبرأ من الكفر والكافرين. ولذلك لا يمكن للمسلمين ان يتحرروا الا اذا رفضوا الديمقراطية وتخلوا عن فكرة التحالف مع القوى الكافرة وعملائها وباشروا تطبييق الاسلام فعلا في الدولة والمجتمع.