أيها المسلمون في سوريا: لا تظنوا أنّ بالمجلس الوطني نجاتكم… فإنه لم يُنشأ لمصلحتكم!
مع دخول الثورة السورية شهرها السابع، وجُمعَتَها الثلاثين، أثبت أهلُنا الأُباة، يوماً بعد يوم، أنهم يمتلكون إرداة التغيير رغم كل إجرام النظام السوري… ولأنها ثورة يتصاعد تصميمُها على إسقاط النظام، فقد أدركت أمريكا أن نظام الأسد، الوالد والولد، الذي صنعته طوال أربعين سنة لتحقيق مصالحها في المنطقة ومصالح دولة يهود… أدركت أمريكا أن هذا النظام قد أوشك على السقوط، وأن دعمها له ثم إمهاله بالألاعيب السياسية أخذاً ورداً، ليبطش ويقتل أكثر فأكثر، كل ذلك لم يُجْد نفعاً في إبقاء هذا النظام قائماً على رجليه، وإنما هي مسألة وقت، حيث فقد مخزونه من خداع الناس بمقولات الممانعة، في حين أن اليهود يسرحون ويمرحون في الجولان دون ممانعة!
وحتى لا تفلت الأمور من أيدي أمريكا، وحتى لا تتوجه الثورة باتجاه يخالف مصالحها، فقد حرصت على ولادة المجلس الوطني السوري الذي وُلد ولادة قيصرية، أشرف في بدايته على الموت، ولكن إدخاله في غرفة العناية الأمريكية التركية جعله يرى النور ليمهِّد الطريق لمخرجٍ للأزمة السورية على الطريقة الأمريكية بإيجاد كيانٍ جديد بوجه جديد، ثم تلميعه فيما بعد لتحقيق الغاية من إيجاده في خداع الناس وتضليلهم بأن هذا المجلس يمثلهم! وقد أحكموا الخديعة حتى إن شعاراتٍ رُفعت من بعض الناس في الجمعة الأخيرة 7/10/2011 تقول “المجلس الوطني يمثلني”!
إن أمريكا ومن دار معها يظنون، وذلك ظنهم يُرديهم بإذن الله، أنّ هذا المجلس سيكون ضمانةً لحرف الثورة عن مسارها الصحيح، فلا تكون النتيجة أن تصبح سوريا عُقرَ دار الإسلام، فتقام فيها الدولة الإسلامية، الخلافة الراشدة، بل إدخالها في موبقات الدولة المدنية العلمانية، والحماية الدولية! فقد صرح برهان غليون أبرز وجوه المجلس يوم إنشائه في 2/10/2011 قائلاً:”إن المجلس يعمل لإقامة دولة مدنية في سوريا…”، ولما رأى المسلمين ينفرون من الدولة المدنية العلمانية، خفف قليلاً فقال في تصريح للجزيرة 5/10/2011 إنه “يقبل بحكومة إسلامية، ولكنه لا يمكنه أن يقبل بدولة إسلامية… بل يريد دولة علمانية ديمقراطية”، فهو يدرك الفرق بين الدولتين! وكان عضو المجلس أنس العبدة قد صرّح يوم إنشاء المجلس قائلاً: “إنّ المرحلة المقبلة من عمل المجلس ستتمثل بطلب الحماية الدولية…” معللاً ذلك هو وفريقه بأن الحماية الدولية ضرورة لحماية المدنيين ونجاح التغيير الذي يسعى إليه!
أيها المسلمون، أيها المنتفضون في أرض الشام: إن دماءكم الزكية وتضحياتكم العظيمة، وانطلاقكم من المساجد مكبرين، وصدعكم بكلمة الحق هاتفين… كل ذلك لم يكن من أجل دولة مدنية علمانية، بل تلك الدماء قد سالت لتنتج حكماً يسبح بحمد الله ويشكره. إننا نربأ بكم أن تضيعوا تلك الدماء سدى، وتلك التضحيات عبثا، فإنكم إن فعلتم كنتم كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا! إننا نربأ بكم أن تقعوا فريسة هكذا مؤامرة خسيسة يزينها لكم الغرب وأذنابه الذين فُتنوا به ووالوه ابتغاء عزة ظنوها عنده، وندعوكم إلى الخير الذي أمركم الله به ونهاكم عن سواه حيث العزة لله سبحانه {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}. هذا هو الحق، وهل بعد الحق إلا الضلال؟ فبدلاً من بعض الشعارات التي رُفعت “المجلس الوطني يمثلني” أعلنوا بأن “دين الله يمثلني“، “الدولة الإسلامية تمثلني“، “خليفة رسول الله يمثلني“، “راية العُقاب تمثلني“، “راية لا إله إلا الله محمد رسول الله تمثلني“…
أيها المسلمون في سوريا: تسعون سنةً مضت على غياب الدولة الإسلامية، واحدة وأربعون منها تحت نير آل الأسد، فلا ترضوا أن يكون التغيير لمصلحة أمريكا أو أوروبا؛ فإنكم بهذا تمددون لمعيشة الضنك التي تحيونها بعيداً عن شرع الله، وأعلنوها دولة إسلامية، خلافة على منهاج النبوة، فهي وحدها طريق النجاة للمسلمين في سوريا، بل في العالم أجمع.
إننا في حزب التحرير نعتبر أنفسنا على أعتاب الخلافة الراشدة ندقُّ بابها. وبابُها هو الجيش وأبناء الأمة من أهل القوة المخلصين، وإنه لا يُفتح إلا باستجابة المؤمنين الشجعان منهم لنداء الإيمان، وهم كثر بحول الله في الجيش السوري، وإن غداً لناظره قريب.
قال تعالى: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.