Take a fresh look at your lifestyle.

نفاد الرصيد السياسي للشيخة حسينة

 

منذ وصول الشيخة حسينة إلى رئاسة الوزراء في بنغلادش للمرة الثانية، بتخطيط وهندسة النفوذ الثلاثي المتمثل في واشنطن ولندن ودلهي، اعتمدت الشيخة حسينة على رأسمال سياسي محدد لمواصلة حكمها وتشبثها بالسلطة. وخلال فترة الثلاث سنين منذ وصولها لمكتب الرئاسة طُلب منها القيام ببعض الأعمال الحساسة والمحفوفة بالمخاطر من قبل هذه القوى الثلاث. استطاعت حسينة لغاية الآن أن تصمد وتقوم بتلك المهام، بالرغم من وجود ردة فعل ضخمة ومعارضة داخلية، تعاملت معها بقبضة من حديد، خصوصا لمواجهة الآراء السياسية والجماعات السياسية المعارضة، تحت ذرائع مختلفة وبدون ذرائع.

فعلى سبيل المثال وعدت حسينة الولايات المتحدة في حال وصولها لرئاسة الوزراء بإمكانية استخدام بنغلادش كقاعدة عسكرية لها، حيث وضعت حسينة الجيش البنغالي المسلم تحت أوامر الولايات المتحدة، بالإضافة إلى جعل مصادر الطاقة في بنغلادش مفتوحة وبثمن بخس بناءً على طلب سيدتها أمريكا، وكمثال على التزامها الحقيقي تجاه سيدتها أمريكا فقد عملت على تمكين شركة “كونكو فيليبس” من أكبر احتياطي للغاز في البلاد، واستمرت حسينة في العمل عن كثب مع الولايات المتحدة في قمع الدعوة للخلافة عن طريق الحظر والسجن والتعذيب وملاحقة أعضاء الجماعات الإسلامية السياسية باستمرار في محاولة حثيثة لإتباع تعليمات سيدتها أمريكا كلمة بكلمة. مع كل ذلك لم تحقق حسينة شيئا على الإطلاق لثني العمل من أجل الخلافة. فبدأت حكومتها مؤخرا باختطاف أعضاء حزب التحرير من دون إبلاغ عن مكان وجودهم للمحاكم ناهيك عن إبلاغ عائلاتهم.

وبنفس الطريقة مع الهند، فعندما أمرت الهند حسينة بفتح أكبر وأهم موقع استراتيجي لبنغلادش أمامها وهو ميناء بحر “تشيتاكونغ”، وافقت حسينة على ذلك الطلب، وسمحت للهند بالدخول، ليس فقط للموانئ البحرية بل إلى موانئ الأنهر كذلك. وفي وقت لاحق استمرت المطالب الهندية في التزايد واستمرت حسينة في التفريط ببنغلادش من أجل حياتها السياسية، ثم تواصلت الاستسلامات بعبور الهند من خلال البلاد عن طريق سكك الحديد والجو والبحار والأنهار. على مدى 40 سنة لم تستطع الهند تحقيق مطلبها في الحصول على ممر، إلا أن تبعية حسينة ظهرت مؤخرا، حين أعطت حسينة الهند الأسبوع الماضي معبرا من خلال ميناء “اشكونج” إلى محافظات الهند الشمالية الشرقية. فيما يتعلق بهذا المعبر قال المفوض السامي بشكل صريح: “لن تدفع الهند أي رسوم على ذلك العبور باستثناء ما تم تحديده سابقا في بروتوكول سنة 1972″، وبهذا تكون حسينة قد خلقت مخاطر أمنية واستراتيجية لبنغلادش، في الوقت الذي تعتقد فيه أنّ إظهار الولاء للهند على حساب مصالح وأمن البلاد تضحية من أجل حياتها السياسية.

تجدر الإشارة إلى أنّه بعد شهرين فقط من استلام حسينة للسلطة، طلبت الهند منها شن هجمة على المتمردين في مركز قيادة حرس الحدود الواقعة في قلب العاصمة دكا، كان ذلك عملا مكلفا ومحفوفا بالمخاطر، لكنها فعلتها، حيث صوبت حسينة على رأس الجيش البنغالي بحجة الحل السياسي للأزمة التي انتهت بالقتل الوحشي ل 57 من كبار الضباط، وأخيرا ضغطت الهند على الزناد لإضعاف أكثر قوتين ذكاءً واحترافا وهي الجيش البنغالي وحرس الحدود، حيث أصبحتا فيما بعد أكثر تابعية لحساب مصالح الهند الأمنية، بدلا من حماية بنغلادش، كما تبين قبل أسبوعين من اشتراك الهند وبنغلادش في التدريب العسكري بتاريخ 9/10/2011.

السؤال الذي يجب أن يُسأل، ماذا بقي لحسينة لتقدمه للهند أو للولايات المتحدة حتى يبقياها في السلطة؟. مع اقتراب الانتخابات بعد 24 شهرا فقد نفدت الخيارات من أيدي حكومتها لكسب عقول أسيادها الأجانب، بسبب لعب ونفاد جميع الأوراق الإستراتيجية. فالهند حصلت على المعابر ودخلت إلى ميناء “تشيتاغونغ” وميناء “مونغلا” ووصلت إلى القيادات الانفصالية المنظمة في بنغلادش وسيطرت على الجيش البنغالي وأعادت هيكلة الأجهزة الأمنية، ودخلت إلى سوق بنغلادش، بينما حصلت الولايات المتحدة على القواعد العسكرية لمواجهة الصعود الإسلامي ومواجهة الصين، وحصلت على السيطرة الكاملة على مصادر الطاقة وعلى جيشنا واستخباراتها، لذلك فإنّ السؤال الطبيعي الذي يبرز، هل أصبحت حسينة خادما زائدا للولايات المتحدة والهند؟ وماذا تفعل الولايات المتحدة والهند بالخدم الزائدين الذين لا يحظون بشعبية داخليا، والذين لم يدخروا جهدا في اللجوء إلى العنف والقمع الوحشي ولم يبق لهم أي وسيلة للحفاظ على السلطة؟ يمكن تطبيق مثال بن على ومبارك والقذافي وصدام حسين أو بنزير بوتو على حسينة، فهل تعي حسينة الدرس؟

جعفر محمد ابو عبد الله – دكا